المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

226

وجوبه، فالنفسيّة بهذا التقريب تكون مدلولا التزاميّاً للإطلاق، لا مطابقيّاً.

واستفادة النفسيّة من الإطلاق بهذا التقريب تتوقّف على تصوير الإطلاق الأحواليّ، وعدم كون الواجب ملازماً لذاك الوجوب النفسيّ لما احتمل كونه ذا المقدّمة.

أمّا لو أوجب الوضوء مثلا في أوّل زوال الشمس، أعني: أنّه قيّد وجوب الوضوء بقيد(1) نفرضه ملازماً دائماً لثبوت وجوب الصلاة، فهذا التقريب لا يتمّ؛ إذ لا يوجد ـ بحسب الفرض ـ إطلاق أحواليّ لصورة عدم وجوب الصلاة.

وقد يقال: إنّه وإن كان هذا الإطلاق قاصراً عن إثبات النفسيّة في هذا الفرض لكن لا أثر لذلك، فإنّ الأثر لكون وجوب الوضوء مثلا نفسيّاً فيما لو قال: «توضّأ» هو وجوبه في تمام الأحوال حتّى قبل الزوال، ولكن لو قيّد وجوب الوضوء بالزوال مثلا، فماذا يهمّنا أن يكون الواجب نفسيّاً أو غيريّاً؟! إذ لو لاحظنا حالة عدم الزوال، لم يجب الوضوء نفسيّاً كان أو غيريّاً، ولو لاحظنا حالة الزوال، فعلى أيّ حال يجب أن يؤتى به بحكم العقل، سواء كان نفسيّاً أو غيريّاً.

ولكن هذا الكلام غير صحيح؛ لأنّه يبقى مع هذا أثر للنفسيّة، فإنّه بناءً على اقتضاء الإطلاق للنفسيّة يكون عليه واجبان نفسيّان بحيث لو تركهما معاً لعوقب بعقابين، بينما لو لم نستفد من إطلاق الصيغة النفسيّة، لم يثبت عليه واجبان نفسيّان بالدليل الاجتهاديّ، ولابدّ من الرجوع إلى الاُصول العمليّة.

التقريب الثاني لإثبات النفسيّة: هو أن نتمسّك بإطلاق المادّة لدليل «صلِّ»



(1) لا أنّه قيّده بنفس وجوب الصلاة، كأن يقول: «إذا وجبت الصلاة فتوضّأ»، وإلّا فلا إشكال في عدم استفادة النفسيّة، ولا يفي شيء من تقريبات استفادة النفسيّة باستفادتها في هذا الفرض، فلا يكون ذلك نقضاً لهذا التقريب.