المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

95

العلم والطريقيّة تنزيل الأمارة منزلة العلم، بل نقصد بذلك إيجاد فرد اعتباريّ للعلم بالجعل والاعتبار، فيكون للعلم فردان: فرد حقيقيّ وفرد اعتباريّ، فليكن ما نحن فيه من هذا القبيل بأن نقصد أنّ الواضع اعتبر اللفظ نفس المعنى، أي: جعله وفرضه ادّعاءً نفس المعنى من قبيل الادّعاء السكاكيّ لكي تتمّ الدلالة، وهذا غير التنزيل.

وأمّا الأمر الثاني: فلأنّ أحد آثار المعنى هو أنّ الإحساس به يوجب تصوّره في الذهن، وقد سرى هذا الأثر بالوضع إلى اللفظ، فالإحساس به يوجب تصوّر المعنى.

نعم، الصحيح: أنّ هذا الوجه أيضاً تلاعب بالألفاظ؛ فإنّ مجرّد فرض أنّ الوضع عبارة عن اعتبار اللفظ متّحداً مع المعنى لا يكشف السرّ في المقام، فإنّ المشكلة هي: أنّنا نرى أنّ مجرّد اعتبار شيء متّحداً مع شيء آخر وجعله هو بالفرض والاعتبار لا يوجب سراية سائر آثاره منه إليه، فلو اعتبر الماء ناراً مثلاً لا نرى أنّه يحرق، ولو اعتبر لفظة « الأسد » واقع الحيوان المفترس لم يترتّب عليه سائر آثاره التكوينيّة. فالسؤال هو: أنّه كيف صار من بين الآثار خصوص هذا الأثر سارياً إلى اللفظ بمجرّد فرض واعتباره نفس المعنى؟ فالمهمّ في المقام إنّما هو حلّ هذا اللغز، وفهم أنّه كيف ترتّب أحد الآثار التكوينيّة للمعنى على اللفظ؟!

الوجه الثالث: أنّ الواضع اعتبر اللفظ أداةً للدلالة على المعنى. فأداتيّة شيء لشيء قد تكون ذاتيّة وتكوينيّة ككون الصابون والماء أداة وآلة للنظافة، وقد تكون بالجعل والاعتبار كجعل اللفظ أداة وآلة للدلالة.

وهذا الوجه أيضاً ليس إلاّ تلاعباً بالألفاظ فإنّنا نريد أن نعرف أنّ شيئاً لم يكن سبباً لشيء كيف صار سبباً له بمجرّد الفرض والاعتبار، بينما نحن نعرف أنّ سائر