المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

87

المنفصلة، فمع احتمال ورود القرينة المنفصلة في المستقبل لا نجزم بالتعهّد بإرادة المعنى الموضوع له، فلا نجزم بالدلالة(1)، مع أنّه لا إشكال في هذه الحالة في حمل الكلام على المعنى الموضوع له.

فإن قلت: إنّ احتمال مجيء القرينة المنفصلة في المستقبل ينفى بأصالة عدم القرينة المنفصلة؛ ومن المعلوم أنّ أصالة عدم القرينة أصل عقلائيّ نحرز بها قيد التعهّد، وبذلك يثبت التعهّد، فتتمّ الدلالة.

قلت: إنّ هذا الأصل أصل عقلائيّ، والعقلاء ليست لهم اُصول تعبّديّة، بل اُصولهم اُصول استظهاريّة، فأصالة عدم القرينة إنّما يبنون عليها من باب: أنّ القرينة المنفصلة على خلاف ظهور اللفظ ودلالته، فيجب أن نفرغ في المرتبة السابقة عن دلالة اللفظ، ولا معنى لنشوء الدلالة من أصالة عدم القرينة.

الكلمة الثانية: أنّنا لو غضضنا النظر عن الكلمة الاُولى، وفرضنا تماميّة إحدى الصيغ الأربع الماضيّة للتعهّد، قلنا: إنّ تفسير الوضع بالتعهّد غير محتمل خارجاً. وتوضيح ذلك: أنّ فهم المعنى من اللفظ على أساس التعهّد عمليّة استدلاليّة مبنيّة على التمسّك بقانون: أنّه متى ما كان شيء مستتبعاً لشيء ووجد الشيء الأوّل وجد الثاني أيضاً من قبيل: أنّنا إذا رأينا إنساناً شرب السمّ جعلنا شربه للسمّ دليلاً على أنّه سوف يموت، ففهم المعنى من اللفظ يرجع إلى الاستدلال بأحد المتلازمين على الآخر على أساس: أنّه لو ثبت الأوّل ثبت الثاني. ومن الواضح:


(1) إلاّ أن يدّعى أنّ التعهّد مقيّد بفرض عدم القرينة المتّصلة وبفرض عدم إرادة الإجمال أو الإهمال ولو الموقّت، أي: خصوص ساعة الكلام، ويستعان أيضاً في مقام تتميم الدلالة بالبناء على عدم إرادة الإجمال أو الإهمال ولو الموقّت على أساس ندرة هذه الحالة.