المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

85

الذي يكون في طول قصد تفهيم المعنى، وليس قصد تفهيم المعنى في طول اللفظ، وأيّ عاقل يُلزِم نفسه بأن يُحدث قصد تفهيم المعنى عندما يصدر عنه اللفظ ولو غفلة؟!

3 ـ أن يكون الشرط عبارة عن عدم كونه قاصداً لتفهيم المعنى، والجزاء عبارة عن عدم التلفّظ باللفظ. فهو يتعهّد مثلاً بأنّه لو لم يرد معنى الحيوان المفترس لا يستعمل كلمة « أسد »، وعندئذ يصبح استعمال كلمة « أسد » دالاًّ على إرادة المعنى على أساس: أنّ انتفاء الجزاء يدلّ على انتفاء الشرط. وهذا يكون أمراً عقلائيّاً في نفسه، ويكون مفيداً للمقصود، ويصبح اللفظ على أساسه دالاًّ على قصد تفهيم المعنى، إلاّ أنّ هذا غير واقع خارجاً؛ فإنّ هذا لا ينسجم مع الاستعمال المجازيّ الذي هو باب من أبواب اللغة، والواضع حتّى حين الوضع بان على الاستعمال المجازيّ، أو على الأقلّ يحتمل أنّه سوف يستعمل ذلك، والعاقل الباني على الاستعمال المجازيّ كيف يتأتّى منه التعهّد بعدم استعمال كلمة « أسد » مثلاً إلاّ حين إرادة تفهيم الحيوان المفترس؟!

والخلاصة: أنّ هذه الصيغة الثالثة للتعهّد تستلزم التعهّد الضمني بعدم الاستعمال المجازيّ، فلا يعقل صدوره من واضع بان ولو احتمالاً على الاستعمال المجازيّ.

وقد ذكرت هذا الإشكال على مبنى التعهّد بصيَغه الثلاث للسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ فذكر في مقام الجواب صيغةً رابعة أو تعديلاً للصيغة الثالثة، وذلك بأن يقال: إنّ الواضع يتعهّد بأن لا يأتي باللفظ إلاّ إذا قصد المعنى الحقيقيّ، ويستثنى من ذلك فرض إقامة القرينة. وبكلمة اُخرى: أنّه يتعهّد بأن لا يأتي بلفظة « أسد » مثلاً إلاّ في إحدى حالتين:

الاُولى: أن يقصد تفهيم الحيوان المفترس.