المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

84

هذه خلاصة توضيح مبنى التعهّد، ولنا حول هذا المبنى ثلاث كلمات:

الكلمة الاُولى: أنّ هذا المبنى كان عبارة عن دعوى التعهّد بقضيّة شرطيّة، وببركته توجد الملازمة بين الشرط والجزاء، وعليه نقول: إنّ هذه القضيّة الشرطيّة المتعهّد بها والتي أوجدت الملازمة بين شرطها وجزائها تتصوّر على أنحاء ثلاثة:

1 ـ أن يكون الشرط عبارة عن قصد تفهيم المعنى، والجزاء هو الإتيان باللفظ، وهذا هو المطابق لظاهر كلمات السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ(1) وهذا أمر عقلائيّ في نفسه لكنّه لا يفيد المقصود، وهو دلالة اللفظ على المعنى؛ فإنّ التعهّد بقضيّة شرطيّة إنّما يوجب دلالة الشرط على الجزاء لا دلالة الجزاء على الشرط، والشرط هنا هو قصد تفهيم المعنى، والجزاء هو الإتيان باللفظ، فلو عرفنا صدفة أنّ هذا الإنسان قاصد لتفهيم معنىً دلّنا ذلك على أنّه سوف يأتي باللفظ، وأمّا الإتيان باللفظ فليس دليلاً على أنّه قصد المعنى؛ إذ قد يكون الإتيان باللفظ لازماً أعمّ لقصد المعنى.

والحاصل: أنّه لم يتعهّد بأنّه متى ما أتى باللفظ قصد المعنى حتّى يكون إتيانه باللفظ دليلا على قصد المعنى.

2 ـ عكس الأوّل، وذلك بأن يكون الشرط هو الإتيان باللفظ، والجزاء هو قصد تفهيم المعنى، فهو متعهّد بأنّه متى ما أتى باللفظ قصد تفهيم المعنى، وحتّى لو صدر عنه اللفظ غفلةً فسوف يُحدث في نفسه قصد تفهيم المعنى وفاءً بتعهّده. وهذا يفيد المقصود ويوجب دلالة اللفظ على المعنى، لكنّه ليس أمراً عقلائيّاً؛ فإنّ التلفّظ هو


(1) ولكن صريح كلامه(قدس سره) في بحث الاشتراك هو المعنى الثاني، راجع المحاضرات، ج 1، ص 202 بحسب طبعة مطبعة النجف.