المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

495

الفصل عين الجنس؛ لأنّ الجنس هو الشيء، والفصل تمام حقيقته هو الشيء. وعلى الثاني يحتاج هذا الفصل في نفسه إلى فصل، وننقل الكلام إلى ذاك الفصل وهكذا حتّى يتسلسل، ويلزم تركّب الماهية من أجزاء لا متناهية، فهذا برهان على استحالة كون الشيء جنساً عالياً.

هذا، مضافاً إلى أنّ الشيء إن كان جنساً عالياً، فعلى كلّ حال يلزم دخول الجنس في الفصل سواء قلنا بالبساطة أو التركّب، فلنفرض أنّ مفهوم المشتقّ بسيط، وأنّه هو بعينه مفهوم المبدأ، ولكن أفليس المبدأ شيئاً؟! طبعاً المبدأ شيء من الأشياء، فإذا فرض أنّ الشيء ذاتىّ لكلّ ما يصدق عليه، لزم دخول الجنس في الفصل، فلا محيص عن مشكلة لزوم دخول الجنس في الفصل إلاّ بالبرهنة(1) على


(1) بل تلك المشكلة بنفسها برهان كاف لإثبات عدم جنسيّة الشيء هذا.

وما يصلح في كلمات الشيخ النائينيّ(رحمه الله) كبرهان على كون مفهوم شيء جنساً أمران:

الأمر الأوّل: أنّ مفهوم «شيء» لو كان عرضاً عامّاً لكان عروضه على ما يعرض عليه خارجاً بواسطة عروضه لجنسه القريب أو البعيد، في حين أنّنا لا نجد وراء مفهوم الشيء جنساً مشتركاً للجوهر والمقولات التسع كي يكون مفهوم الشيء عارضاً عليه.

والأمر الثاني: أنّ عنوان «شيء» لم يكن من قبيل عنوان التقدّم والتأخّر مثلاً ممّا انتزع من الذات بقيام أمر عرضيّ خارج من ذاته به، بل انتزع من مقام الذات مباشرة من دون دخل طروّ عرض عليه، فهو برغم كونه أمراً انتزاعيّاً يكون ذاتيّاً، ونظيره مثلاً الإنسانيّة المنتزعة من الإنسان ونحو ذلك، فبما أنّ منشأ انتزاع الشيئيّة ليس من الاُمور العرضيّة فلا تكون هي عرضيّة أيضاً.

إلاّ أنّ شيئاً من الوجهين لا يكفي في المقام:

أمّا الوجه الأوّل: فلأنّ العرض العامّ إن سلّمنا أنّه يعتبر عرضاً للجنس الأوسع من النوع أو الفصل، فإنّما يكون ذلك لو وجد جنس من هذا القبيل، وإلاّ فلا برهان على ضرورة