المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

448


ويكون تحقّق الشرط ـ لا محالة ـ بفعليّة المبدأ، فإذن لا يمكن أن يقصد بموضوع القضيّة الحقيقيّة وكذلك متعلّقها إلاّ المتلبّس، والظاهر الأوّليّ من القضيّة الحقيقيّة هو دوران الحكم مدار عنوان موضوعه حدوثاً وبقاءً، إلاّ أن تقوم قرينة داخليّة أو خارجيّة على كفاية حدوث ذاك العنوان لثبوت الحكم وبقائه بعد زوال ذلك. ومن هنا يتّضح: أنّ النزاع في كون المشتقّ حقيقة في المتلبّس أو الأعمّ ليس له أثر مهمّ، فإنّ الأحكام الشرعيّة هي عادة تكون بنحو القضايا الحقيقيّة، فلو بقينا نحن والظهور الأوّليّ لها كان مقتضى ذلك دوران الحكم مدار بقاء العنوان المقدّر حدوثاً وبقاءً حتّى لو فرضنا أنّ المشتقّ حقيقة في الأعمّ، فلا يشكّ أحدٌ أنّ حكم الجنب أو الحائض مثلاً يبقى مدّة بقاء الجنابة أو الحيض، ويرتفع بارتفاعهما، وهذا واضح حتّى لدى من يرى المشتقّ حقيقةً في الأعمّ، بل لم يحتمل أحد ابتناء هذه المسائل وما شاكلها على النزاع في المشتقّ، وليس هذا إلاّ لأجل ما قلناه من أنّ العنوان المأخوذ في موضوع قضيّة حقيقيّة يدلّ على المتلبّس لا محالة، وظهورها في دوران الحكم مدار ذاك العنوان حدوثاً وبقاءً يقتضي ارتفاع الحكم بمجرّد انقضاء المبدأ، ولو دلّت قرينة على أنّ ذاك العنوان يكون بحدوثه موضوعاً للحكم حتّى بقاءً، فلا محالة يحكم ببقاء الحكم بعد انقضاء المبدأ حتّى عند من يرى أنّ المشتقّ حقيقة في الأعمّ، وبما أنّ الظاهر في قوله: ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾هو دخل العنوان حدوثاً فحسب، وذلك بسبب مناسبة الحكم والموضوع باعتبار جلالة شأن الإمامة وعظمته، وخاصّة: أنّ كلمة (لا ينال) جيئت بصيغة المضارع التي تدلّ بإطلاقها على بقاء الحكم في المستقبل؛ ولهذا يصحّ الاستدلال بهذه الآية على عدم لياقة من كان مشركاً للإمامة حتّى بعد فرض توبته وصلاح حاله.

أقول: إنّ الاستفادة من صيغة المضارع لم تكن في محلّها في المقام؛ فإنّه لولا فرض اقتضاء مناسبة الحكم والموضوع لكفاية حدوث العنوان لبقاء الحكم حتّى بعد زواله، لكان مقتضى إطلاق المضارع بقاء هذا الحكم على هذا العنوان حتّى في المستقبل، أي: أنّ