المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

442

الانصراف لعلّه على أساس غلبة الاستعمال، وليس تبادراً دالاًّ على الحقيقة، وإن ادّعى: أنّ الغالب فيه هو الانقضاء، قيل له: إذن فكيف تدّعي: أنّ المشتقّ حقيقة في خصوص المتلبّس، بينما هذا معناه: غلبة الاستعمال في المعنى المجازيّ الكاشفة عن غلبة الحاجة إليه، مع أنّ الوضع يتّبع الحاجات، واللفظ إنّما يوضع لذاك المعنى الأكثر حاجة إليه، فهذا خلاف حكمة الوضع؟

وتخلّص صاحب الكفاية عن كلا المحذورين بأن قال: إنّ أكثر موارد استعمال المشتقّ هو مورد الانقضاء، إلاّ أنّه يمكن حملها على الاستعمال في المتلبّس، وذلك بأن يكون الجري بلحاظ زمان التلبّس، ويمكن حملها على الاستعمال في المنقضي عنه المبدأ، وذلك بأن يكون الجري بلحاظ الحال. وعليه: فبناءً على أنّ المشتقّ حقيقة في المتلبّس تحمل تلك الاستعمالات على الجري بلحاظ زمان التلبّس عملاً بأصالة الحقيقة، فلم تلزم غلبة الاستعمال في المعنى المجازيّ. وبناءً على أنّ المشتقّ حقيقة في الأعمّ لا تجري أصالة الحقيقة لإثبات الاستعمال في المتلبّس؛ لأنّ الاستعمال في المنقضي أيضاً حقيقة، بل تحمل هذه الاستعمالات على الاستعمال بلحاظ حال النطق تمسّكاً بأصالة الإطلاق التي توجب أنّ زمان الجري هو زمان النطق، فإنّ الإطلاق وعدم تعيين الزمان يقتضي ذلك، وزمان النطق هو زمان الانقضاء، إذن لم يصحّ دعوى الانصراف إلى المتلبّس لكثرة الاستعمال(1)، فارتفع كلا الإشكالين.

أقول: إنّنا لا نسلّم أنّ أكثر الاستعمالات في المنقضي عنه المبدأ حتّى على


(1) لا يخفى: أنّ الموجود في الكفاية ليس هو فرض الانصراف إلى المتلبّس لكثرة الاستعمال بل فرض انسباق التلبّس من الإطلاق من دون اشتراط التلبّس من قبل الواضع ولكنّنا لا نفهم سبباً لهذا الانسباق من الإطلاق إلاّ كثرة الاستعمال.