المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

440

بين المتلبّس بالفعل والمنقضي عنه المبدأ. ولابدّ لصاحب هذا القول من أن يلتزم بأحد جامعين على ما مضى: فإمّا أن يقول بأنّ الجامع هو ذات مقيّدة بالفعل الماضي، فالقائم معناه من قام، وإمّا أن يقول بأنّ الجامع هو ذات غير متلبّسة فعلاً بالعدم الأزليّ للمبدأ. أمّا الثاني فقد عرفت عدم عرفيّته، فإنّ الوجدان حاكم بأنّه لا يفهم من مثل: ضارب أو قائم إلاّ معنىً ثبوتيّ صرف، ولا ينتقل الذهن بنحو التفصيل ولا بنحو الإجمال إلى نفي العدم، بل يفهم منه رأساً المعنى الثبوتيّ، وليس هذا جامعاً عرفيّاً يقع تحت نظر الواضع أوّلاً وتحت نظر المستعمل والسامع ثانياً. وأمّا الأوّل فلازم أخذ الفعل الماضي في مفهوم المشتقّ هو: أن يشترط في كون استعمال المشتقّ حقيقيّاً أن يكون المبدأ ثابتاً للمشتقّ فيما مضى ولو آناً ما؛ إذ لو كان المبدأ ثابتاً في الحال فقط، لم يكن ذلك مفاد الفعل الماضي، وإنّما هو مفاد الفعل المضارع، بينما من الواضح وجداناً كفاية التلبّس الحاليّ، بل يلزم من ذلك في المبادئ الآنيّة كالضرب، أي: الضربة الواحدة كون المشتقّ حقيقة في خصوص المنقضي عنه المبدأ دون المتلبّس؛ لأنّ التلبّس في الآن الحاضر لا يكفي لكونه معنى المضارع لا الماضي، وقد اُخذ الفعل الماضي ركناً في مفهوم المشتقّ، والتلبّس فيما قبل الآن الحاضر قد انقضى؛ لأنّ المبدأ كان آنيّاً، فوجود لوازم فاسدة عرفاً من هذا القبيل يكفي لكونه برهاناً عرفيّاً على عدم صحّة القول بكون المشتقّ موضوعاً للأعمّ، وتعيّن القول بكونه موضوعاً لخصوص المتلبّس، إذن فتحليل نفس المدّعى كاف لإبطاله من دون حاجة إلى الدخول في الوجوه التي تذكر للمُدَّعَيات(1)، إلاّ أنّنا مع ذلك نمرّ بوجوه بعض الأقوال إجمالاً فنقول:

 


(1) لا يخفى: أنّ إبطاله(رحمه الله) لدعوى وضع المشتقّ للأعمّ بتحليل نفس المدّعى بالنحو الذي ذكره مبتن على مبناه من أنّ الجامع الصحيح العرفيّ منحصر في مفاد الفعل الماضي.