المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

133

الحرفيّ بذاته معنىً مفتقر، وتنشأ تبعيّته من حاقّ ماهيته، كما أنّ المعنى الاسميّ في ذاته وماهيته مستقلّ. وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يكون لحاظ المعنى الحرفيّ آليّاً وغير مستقلّ؛ لأنّ الوجود سواء كان ذهنيّاً ـ وهو اللحاظ ـ أو خارجيّاً إنّما يبرز واقع الماهية وخصائصها، فإذا كانت الماهية في عالم الماهويّة والذات غير مستقلّة، فلا يمكن أن يكون وجودها الذهنيّ مستقلاًّ. وأمّا مثل من علم بأصل سفر زيد وأراد أن يسأل عن أنّ سفره في السيّارة أو في الطائرة مثلاً، فله طريقان إلى هذا السؤال:

1 ـ أن يأخذ مفهوماً اسميّاً إجماليّاً مشيراً إلى المعنى الحرفيّ كمفهوم الكيفيّة والخصوصيّة ونحو ذلك، فيقول: أسألك عن كيفيّة ركوبه، أو خصوصيّة سفره، ونحو ذلك.

2 ـ أن يسأل عن الحصّة الخاصّة من حصص المفهوم الاسميّ، فهو يعلم بأصل السفر، لكن السفر له حصّتان: الاُولى: السفر المتحصّص والمتقيّد بكونه في السيّارة، والثانية: السفر المتحصّص والمتقيّد بكونه في الطائرة، وهو إنّما يعلم بالجامع بين الحصّتين، ولا يعلم بإحدى الحصّتين بالخصوص، فيقول: هل سافر زيد في السيّارة أو في الطائرة؟ واللحاظ الاستقلاليّ لم يتعلّق بالمعنى الحرفيّ، بل تعلّق بطرفه المتحصّص به، وتعلّق بالمعنى الحرفيّ بالتبع. فمعنى سؤاله هو: أنّ أيّ الحصّتين من السفر وجدت خارجاً؟ هل السفر المقيّد بكونه في السيّارة، أو السفر المقيّد بكونه في الطائرة؟ بعد العلم بالجامع بينهما.

والتحقيق بعد اندفاع هذه الاعتراضات: أنّ أصل هذا المسلك غير صحيح. والبرهان على ذلك هو: أنّه يوجد عندنا شيئان: أحدهما: مفهوم الابتداء، أي: كون السير قد ابتدأ من البصرة، والآخر: النسبة الواقعة بين السير والبصرة، وهما أمران