المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

127

أقول: إنّنا وإن كنّا نؤمن ـ على ما سوف يتّضح ـ بأنّ المعنى الحرفيّ لا يوجد في الذهن إلاّ آليّاً، لكن البرهنة على ذلك بأنّ وجوده الخارجي لا يكون إلاّ آليّاً غير صحيحة؛ إذ لا برهان على ضرورة كون أقسام الوجود الذهنيّ مطابقة لما في الخارج، بل نبرهن على خلافه، وذلك بالتمثيل بالأعراض، فالبياض مثلاً لا يوجد في الخارج إلاّ في محلّ، لكنّه يوجد في الذهن تارةً في محلّ حينما يتصوّر الجسم الأبيض، واُخرى مستقلاًّ حينما يتصوّر نفس البياض.

ثُمّ إنّ في هذا الكلام للمحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) تحميلاً على المحقّق الخراسانيّ حيث يحمّله أنّ المعنى الحرفيّ هو النسبة، وهذا تحميل بلا موجب.

الإشكال الثاني: ما ذكره المحقّق النائينيّ(رحمه الله)(1) والسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ(2) وهو: أنّه لو كان معنى «من» والابتداء واحداً، وكان الفرق بينهما في اللحاظ فحسب، لصحّ استعمال أحدهما في موضع الآخر على حدّ صحّة الاستعمال المجازيّ في الموارد المتعارفة على الأقلّ، فإنّنا إن فرضنا أنّ اللحاظ الآليّ والاستقلاليّ قيد للموضوع له، فغاية ما يلزم من استعمال أحدهما في مكان الآخر هو استعمال الشيء في معنىً غير ما وضع له قريب من المعنى الموضوع له؛ لوجود جامع بينهما، وهو معنى الابتداء، وهذا استعمال مجازيّ جائز. وإن فرضنا


الطرفين فبمجرّد أن يجرّدها الذهن من طرفيها لا يبقى شيء حتّى في عالم التقرّر حتّى يصوّره، فلا طريق للذهن إلى تصويرها إلاّ تصوير المفنيّ فيه والمتلاشى فيه الذي هو تصوير ضمنيّ للفاني والمتلاشي.

(1) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 15، وفوائد الاُصول، ج 1، ص 49 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.

(2) راجع المحاضرات، ج 1، ص 57.