المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

118

يستقرّ على مصاديقه، كما في قولنا: «الجزئيّ يمتنع صدقه على كثيرين».

إذا عرفت ذلك، قلنا: أنّه بدلاً عن الحكم بامتناع الصدق على كثيرين يمكن أن نفرض الحكم بوضع اللفظ، وكما كان يحمل الحكم بامتناع الصدق على كثيرين على عنوان الجزئيّ الذي هو بالنظر التصوّريّ جزئيّ وبالنظر التصديقيّ كلّيّ، كذلك يحمل الواضع الحكم بوضع اللفظ على عنوان الجزئيّ، أو الفرد، أو الخاصّ، وما شابه ذلك الذي هو بالنظر الأوّليّ فرد وخاصّ وبالنظر التصديقيّ عامّ. وكما كان الحكم بامتناع الصدق يستقرّ على واقع ما هو الجزئيّ، لا على عنوان الجزئيّ، كذلك الحكم في الوضع يستقرّ على ما هو واقع الفرد، لا على العنوان الذي وقع موضوعاً للحكم والذي هو عامّ في الحقيقة، فمثلاً يقول الواضع: «وضعت لفظة كذا لأفراد الإنسان» فهو لم يتصوّر واقع الأفراد، وإنّما تصوّر عنواناً كلّيّاً وهو فرد الإنسان، لكنّه وضع لواقع الأفراد؛ لما عرفت من كفاية تصوّر ما هو موضوع للحكم بالنظر التصوّريّ(1).


(1) لا يخفى: أنّ هذا الجواب لا يتمّ إلاّ بعد فرض استبطانه لروح الجواب الذي نقلناه عن تقرير السيّد الهاشميّ حفظه الله؛ وذلك لأنّ انتقال الحكم من المعنى العامّ الذي تصوّره الواضع، أو الحاكم والذي لا يجد نفسه بالنظر التصديقيّ إلى المفاهيم الجزئيّة التي تكون واجدة للحقيقة المستبطنة بالنظر التصوّريّ في الموضوع لا يكون إلاّ بنكتة فناء ذاك المفهوم العامّ في تلك المفاهيم الجزئيّة، وكونه وجهاً لها و عنواناً لها، وذلك لا يكون إلاّ بفرض ذاك المفهوم العامّ منتزعاً من تلك المفاهيم الجزئيّة لا منتزعاً من الخارج في عرض انتزاع المفاهيم الجزئيّة.

وبهذا يتبيّن أنّ هذا الجواب لا يدفع الإشكال الأوّل؛ لأنّنا ما دمنا رجعنا إلى مسألة الانتزاع من تلك المفاهيم الجزئيّة يأتي في المقام إشكال التقشير، ونحتاج في دفعه إلى ما مضى من الجواب عن ذاك الإشكال.