المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

117

2 ـ إنّ القضيّة توجد فيها مرحلتان:

الاُولى: مرحلة إصدار الحكم وعقده، وفي هذه المرحلة تحتاج إلى تصوّر الموضوع، ويكفي فيها تصوّر ما هو موضوع بالنظر التصوّريّ ولو لم يكن تصوّراً لواقع الموضوع.

والثانية: مرحلة ثبوت الحكم واقعاً، وفي هذه المرحلة يثبت الحكم على واقع الموضوع، ومثال ذلك قول المتكلّم: «الجزئيّ ما يمتنع صدقه على كثيرين»، فهذه القضيّة صادقة عند من يقول بإمكان الوضع العامّ والموضوع له الخاص وعند من ينكر ذلك، مع أنّ فيها إشكالاً، وهو: أنّه كيف يصحّ القول بأنّ الجزئيّ يمتنع صدقه على كثيرين مع أنّ الجزئيّ بنفسه كلّيّ ويصدق على كثيرين؟! والجواب: أنّ الحكم بامتناع الصدق على كثيرين وإن كان في مرحلة الثبوت الواقعيّ ثابتاً على واقع الجزئيّ، وهو زيد وعمرو وبكر، لا عنوان الجزئيّ، ولكن في مرحلة إصدار الحكم من قبل المتكلّم لا يلزمه تصوّر واقع الجزئيّ بأن يقول: زيد يمتنع صدقه على كثيرين، وعمرو يمتنع صدقه على كثيرين، وهكذا، بل يكفيه تصوّر ما هو جزئيّ بالنظر الأوّليّ التصوّريّ وإن كان كلّيّاً بالنظر الثانويّ التصديقيّ، والجزئيّ هو جزئيّ بالنظر الأوّليّ التصوّريّ، وإلاّ لزم التناقض؛ ولهذا صحّ أن يقال: الجزئيّ ما يمتنع صدقه على كثيرين. فقد حكم بامتناع الصدق على كثيرين على عنوان الجزئيّ، ولكن الحكم استقرّ وثبت على مصاديق هذا العنوان.

والخلاصة: متى ما كان الموضوع بالنظر التصديقيّ واجداً لنفسه وحكم عليه بحكم ما، ثبت واستقرّ له ذلك الحكم، كما في قولنا مثلاً: «الكلّيّ لا يمتنع صدقه على كثيرين»، أو قولنا: «الإنسان يمشي». ومتى ما كان الموضوع بالنظر التصديقيّ غير واجد لنفسه، وحكم عليه بحكم ما، لم يستقرّ الحكم عليه، وإنّما