المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

116

والتحقيق: أنّنا نختار الشقّ الرابع، أي نقول: إنّ الواضع يتصوّر الجامع ويضع اللفظ للجامع، ومع هذا يصير الوضع عامّاً والموضوع له خاصّاً، فالحكم يصدر على العامّ لكنّه يستقرّ على الخاصّ. وتوضيح ذلك يكون ببيان مقدّمتين:

1 ـ إنّ كلّ عنوان من العناوين، كعنوان الإنسان، وعنوان الكلّيّ والجزئيّ، وغير ذلك من العناوين يكون بالنظر الأوّليّ التصوّريّ واجداً لذاته ومقوّماته، وإلاّ لزم التناقض، فمن تصوّر الإنسان يرى بهذا النظر الحيوان الناطق، ومن تصوّر الكلّيّ أو الجزئيّ يرى بهذا النظر ما لا يمتنع صدقه على كثيرين، أو ما يمتنع صدقه على كثيرين، وهكذا، ولكن بالنظر الثانويّ التصديقيّ حينما ينظر إلى نفس ذلك العنوان فقد يجده غير واجد لنفسه، بل مصداقاً لضدّه من قبيل عنوان الجزئي، فإنّ هذا العنوان ليس هو في حقيقته وهويّته جزئيّاً يمتنع صدقه على كثيرين، بل هو مصداق من مصاديق الكلّيّ وصادق على كثيرين، وقد يجده بالنظر الثانويّ والتصديقيّ أيضاً واجداً لنفسه من قبيل عنوان الكلّيّ، فإنّ هذا العنوان بنفسه كلّيّ ولا يمتنع صدقه على كثيرين، وكذلك عنوان الإنسان، أي: حقيقة الإنسان الموجودة في ضمن كلّ فرد، فإنّها إنسان حقيقة وحيوان ناطق واقعاً.

 


يكون الموضوع له فيه خاصّاً؛ لأنّه لا يفنى في مفهوم جزئيّ، بل هما مفهومان متباينان منتزعان عن الخارج في عرض واحد.

والثاني: ما هو منتزع من المفاهيم الجزئيّة كمفهوم الجزئيّ المنتزع من مفهوم زيد وعمرو وبكر ... لا من المصاديق، فهنا بما أنّه ليس المفهوم العامّ في عرض المفهوم الخاصّ منتزعاً من الخارج، بل هو منتزع من المفاهيم الجزئيّة فيكون وجهاً وعنواناً للمفاهيم الجزئيّة، فبإمكان الواضع أن يضع اللفظ لتلك المفاهيم الجزئيّة التي تصوّرها إجمالاً وبوجهها الذي هو المفهوم العامّ.