المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

101

لتكرّر المقارنة في الذهن بين هذا الصوت وبين الشجاع، فتوجد بهذه العمليّة صغرى لكبرى القانون الثاني، فيصبح هذا الصوت دالاًّ بكثرة الاستعمال على الشجاع. وهذا حقيقة الوضع التعيّنيّ الذي قالوا عنه: إنّه يحصل بكثرة الاستعمال، ثُمّ أصبح البشر بالتدريج متعوّداً على دلالة الأصوات على المعاني، وعلى الاستفادة من قانون المقارنة، فأصبحت الذهنيّة البشريّة مهيّأة للوضع بمعنى إقران لفظ بمعنى في الذهن للدلالة عليه، فيقرن الإنسان لفظاً بمعنىً من قبيل قرن لفظة « أسد » بمعناه، أو لفظة « حليب » بمعناه ونحو ذلك مرّة واحدة، لكنّه في ظرف مؤثّر من قبيل أن يقول: سمّيت ابني عليّاً، أو وضعت هذا الاسم عليه، أو اعتبرته عليّاً، وذلك أمام جماعة قد أنست أذهانهم من قبل بدلالة الأصوات على المعاني، والاستفادة من القرن، فيصبح هذا القرن في ظرف مؤثّر من هذا القبيل مُلفتاً للنظر، ويجعل اللفظ دالاًّ على المعنى، وتوجد بهذه العمليّة صغرى اُخرى لكبرى القانون الثاني، وهذا حقيقة الوضع التعيينيّ، فالوضع التعيينيّ والوضع التعيّنيّ كلاهما عبارة عن عمليّة إيجاد الاقتران بين اللفظ والمعنى حتّى يوجد بذلك صغرى من صغريات القانون الثاني، والفرق بينهما: أنّ الاقتران ـ الذي مضى: أنّه لابدّ أن يكون بنحو مخصوص حتّى يوجب الدلالة ـ يتمتّع في الوضع التعيّنيّ بخصوصيّة كمّيّة، وفي الوضع التعيينيّ بخصوصيّة كيفيّة، فروح الوضع والسبب الحقيقيّ للدلالة هو القرن بين اللفظ والمعنى في الذهن بنحو مخصوص(1) سواء تحقّق


(1) وفرق هذا البيان عن نظريّة بافلوف الشهيرة في قصّة دقّ الجرس أو نحو ذلك يمكن أن يفترض بأحد شكلين:

الأوّل: أن يقال: إنّ نظريّة بافلوف نظريّة فسلجيّة عضويّة، ونظريّة اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)