المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

58

ظاهر عبارة الآية المباركة هو: أنّ جوابه(عليه السلام): ﴿مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ كان هو جوابه المباشر لها، لا أنّه همّ بها أوّلاً، ثُمّ أجابها ثانياً بهذا الجواب.

وبهذا يظهر دليلنا الثاني على أنّ المقصود بالهمّ بها ليس هو همّه الفعليّ بالزنا.

 

معنى﴿هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا﴾:

والذي يوجد في الآية المباركة احتمالان:

الأوّل: أنّ معنى قولهعز وجل: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ليس هو الهمّ بالزنا أساساً، وإنّما هو الهمّ بالضرب، فامرأة العزيز لمّا رأت عصيانه لها، همّت بضربه، ويوسف همّ بضربها أيضاً؛ دفاعاً عن نفسه، ولكنّه رأى برهان ربّه.

ويحتمل في هذا البرهان أن يكون هو إلهام الله سبحانه إيّاه: أنّ ضربه لها غير صحيح: إمّا لأنّه لو انكشف الأمر مصادفة، فسيفسّر ذلك بأنّه ضربها لإجبارها على الزنا، وإمّا لأنّ امرأة العزيز كانت صاحبة حقّ أخلاقيّ عظيم عليه؛ لحسن مداراتها إيّاه أيّام صغره إلى حين بلوغه، فهذا الضرب لا يناسب هذا الحقّ الأخلاقيّ، فرأى أنّ أفضل حلّ هو الفرار﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُر﴾.