المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

50

مقدّمات بلوغ يوسف(عليه السلام) الكمالات الإلهيّة:

من الواضح: أنّ الذي اشتراه من مصر ليس هو الذي شراه منه أصحاب السيّارة في موضع الجُبّ بثمن بخس دراهم معدودة، وإنّما هو


ما يفعله في الخلق ممّا يتركّب منه نظام التدبير، وإنّما اُضيف إليه تعالىلأنّه مالك كلّ أمر، كما قال تعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾الأعراف: (54). والمعنى: أنّ كلّ شأن من شؤون الصنع والإيجادمن أمره تعالى، وهو غالب عليه، وهو مغلوب له مقهور دونه، يطيعهفيما شاء.

﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾الظاهر: أنّ المراد بـ ﴿بلغ أشدّه﴾ الانتهاء إلى أوّل سنّ الشباب. وقوله: ﴿آتَيْنَاهُ حُكْماً﴾ الحكم هو: القول الفصل، وإزالة الشكّ والريب من الاُمور القابلة للاختلاف، ولازمه إصابة النظر في عامّة المعارف الإنسانيّة الراجعة إلى المبدأ والمعاد، والأخلاق النفسانيّة، والشرائع والآداب المرتبطة بالمجتمع البشري. وقوله: ﴿وَعِلْمَاً﴾وهذا العلم المذكور المنسوب إلى إيتائه تعالى كيفما كان، وأىّ مقدار كان، علم لا يخالطه جهل، كما أنّ الحكم المذكور معه حكم لا يخالطه هوىً نفسانيّ، ولا تسويل شيطاني. ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الُْمحْسِنِينَ﴾يدلّ على أنّ هذا الحكم والعلم اللذين آتاهما الله إيّاه لم يكونا موهبتين ابتدائيّتين لا مستدعي لهما أصلاً، بل هما من قبيل الجزاء، جزاه الله بهما؛ لكونه من المحسنين.