المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

38

الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مراراً وهم يسمعونه،وقد جهلوا حقّه، ولم يصدّقوا قوله.

فلمّا يئس أن يطعموه، وغشيه الليل، استرجع واستعبر، وبكى وشكا جوعه إلى اللهعز وجل، وبات طاوياً (أي: جائعاً) وأصبح صائماً جائعاً حامداً لله، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعاً بطاناً، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.

قال: فأوحى اللهعز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب، عبدي ذلّة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي، ونزول عقوبتي، وبلواي عليك وعلى ولدك.

يا يعقوب، إنّ أحبّ أنبيائي إليّ وأكرمهم عليّ من رحم مساكين عبادي، وقرّبهم إليه، وأطعمهم، وكان لهم مأوىً و ملجأ.

يا يعقوب، أما رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادتي القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس...

أو ما علمت يا يعقوب، أنّي بالعقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منّي بها إلى أعدائي؟! وذلك حسن النظر منّي لأوليائي، واستدراج منّي لأعدائي.

أما وعزّتي لاُنزلنّ بك بلائي، ولأجعلنّك وولدك به غرضاً لمصائبي، ولاُؤدّبنّك بعقوبتي، فاستعدّوا لبلائي، وارضوا بقضائي، واصبروا للمصائب.

فقلت لعليّ بن الحسين(عليه السلام): جعلت فداك، متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب شبعاناً، وبات فيها ذميال طاوياً جائعاً.