المولفات

المؤلفات > مفاهيم تربوية في قصّة يوسف

142

ابيضّت عينا يعقوب:

يبدو من هذه الآية المباركة أنّ يعقوب(عليه السلام) لم تبيضّ عيناه قبل فراقه لبنيامين، ولكن حينما انضمّ بنيامين إلى يوسف ـ وكان هو ليعقوب نوع تسلية عن يوسف ـ تولّى عن الأولاد التسعة، وقال: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ وهنا ﴿ابْيَضَّتْ عَيْنَاه مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيم﴾ فقال له أولاده: تالله لا تفترّ عن ذكر يوسف حتّى تكون حَرَضاً، أي: مريضاً منحرف المزاج مشرفاً على الهلاك، أو تكون من الهالكين، فقال لهم: إنّني لا أشكو أمري إليكم، و ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُمِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾.

 

* * *

 


﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي...﴾البثّ: الهمّ الذي لا يقدر صاحبه على كتمانه، فيبثّه، أي: يفرّقه. والحصر الذي في قوله: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو...﴾يعني: أنّي لست أشكو بثّي وحزني إليكم، معاشر ولدي وأهلي، ولو كنت أشكوه إليكم لانقطع في أقلّ زمان، كما يجري عليه دأب الناس في بثّهم وحزنهم عند المصائب، وإنما أشكو بثّي وحزني إلى الله سبحانه الذي لا يأخذه ملل ولا سأمة فيما يسأله عنه عباده، ويبرمه أرباب الحوائج ويلحّون عليه، وأعلم من الله ما لا تعلمون، فلست أيأس من روحه، ولا أقنط من رحمته.