المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

91


يأخذ الزكاة من الممتنع بالقهر والغلبة، كما هو ظاهر توجيه الأمر إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) في قوله: ﴿خذ من أموالهم﴾، في حين أنّه لا يتمشّى من المالك في هذا الفرض قصد القربة، فلو كانت القربة شرطاً لكان ما أخذه حاكم الشرع منه باطلاً. إذن فنفهم من ذلك أنّ الزكاة كحقٍّ ماليٍّ ليست مشروطةً بالقربة. نعم، هي كزكاة صدقة، والصدقة مشروطة بالقربة، والعبد مكلّف بالزكاة، وهذا يعني أنّه في فرض عدم القربة يعاقب كعقابه على أيّ حكم تكليفي يخالفه، ولكن ذمّته الماليّة تبرأ.

إلّا أنّ مقاومة هذه الشبهة للبيان الذي ذكرناه قابلة للنقاش; لإمكان القول بأنّ حاكم الشرع هو وليّ الممتنع، فهو الذي ينوي الزكاة المتقدّمة بالقربة(1).

ولكن يمكن الردّ على هذا النقاش بدعوى: أنّ الأمر المتوجّه إلى الوليّ بعد وضوح الشركة الماليّة بين المالك والفقراء أو موارد الزكاة ينصرف إلى مجرّد إقامة العدل بأخذ حصّة الفقراء وإيصالها إليهم، كما هو الحال في جميع موارد الأمر بإقامة العدل، والذي ليس إلّا أمراً توصّليّاً بعد أن لم ترد الإشارة من قريب أو بعيد إلى شرط القربة في إقامة العدل.

ولا يقال: إنّ قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِم صَدَقَةً﴾ بنفسه يدلّ على ضرورة قصد القربة من قبل وليّ الأمر إن لم يقصدها صاحب المال; لأنّ الصدقة لا تكون صدقة إلّا بقصد القربة; لأنّه يقال: إنّ هذا التعبير لا يدلّ على أكثر من وجوب قصد القربة على المعطي، وأنّ الوليّ مأمور بجبايتها منهم، فلو تعامل الحاكم مع هذا الأمر تعامل الأوامر التوصّليّة فقد عمل بالتكليف، وهذا هو مقتضى مناسبات الحكم والموضوع; لأنّ قصد القربة بنفسه ليس إلّا تكليفاً من التكاليف، سواء فرض عقليّاً أو شرعيّاً. نعم، لو عجز العبد من ذلك كما هو الحال في تزكية الوليّ مال الطفل أو المجنون، فمقتضى ولاية الوليّ أن يقوم هو بالواجب بأن يقصد القربة نيابةً عنه، كما يعمل العمل نيابة عنه. أمّا الممتنع فمجرّد كون السلطان وليّاً له لا يدلّ على ضرورة قصده للقربة بالنيابة


(1) راجع كتاب الزكاة للسيّد الخوئيّ، المجلّد 24 من مسلسل فقهه، ص 282.