المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

61


عليه الحول، فقال أبوذر: أمّا ما يتّجر به أو دِيرَ وعُمل به فليس فيه زكاة، إنّما الزكاة فيه إذا كان ركازاً كنزاً موضوعاً، فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة، فاختصما في ذلك إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: فقال: القول ما قال أبوذر، فقال أبو عبدالله(عليه السلام) لأبيه: ما تريد إلّا أن يخرج مثل هذا فيكفّ الناس أن يعطوا فقراءهم ومساكينهم؟! فقال أبوه: إليك عنّي لا أجد منها بدّاً»(1)، فلو كانت زكاة التجارة غير مشروعة من أساسها فلا معنى لهذا الحوار بين الصادق وأبيه(عليهما السلام)، فيبدو أنّها مشروعة ومستحبّة على أقلّ تقدير حتّى يرد الكلام في أنّه هل يُبرَز عدم الوجوب أو يُترَك ذلك مراعاة لحال الفقراء والمساكين؟

والثالث: كثرة روايات مشروعيّة زكاة التجارة، أو الأمر بها بشكل وافر وكثير كما أشرنا إليه، وبشكل أكثر من روايات نفي الوجوب. وهذا ليس من شأن الروايات الواردة تقيّة كما هو واضح.

أمّا موضوع النصاب فحدّ النصاب المتيقّن ثبوته بالارتكاز المتشرّعيّ الذي لا ريب فيه هو مقدار جامع النصابين، أعني: نصاب الذهب والفضّة، ولا نعلم هل هناك حدّ أضيق من ذلك وهو خصوص نصاب الذهب، أو خصوص نصاب الفضّة مثلاً، أو لا؟ فنقول: لو كان هناك حدّ أضيق من ذلك لوصلنا ليس بمجرّد رواية واحدة جعلت الأصل في المال الدراهم، وهي رواية إسحاق بن عمّار(2)، وفي سندها إسماعيل بن مرار، وهي مشتملة على مطلب مخالف لإجماع الأصحاب، وهو: أنّه إذا اجتمع الذهب والفضّة فبلغ ذلك مئتي درهم ففيها الزكاة، فينعقد بذلك إطلاق مقامي أو حالي لروايات زكاة مال التجارة يرفع أيّ حدّ للنصاب غير الحدّ المقطوع به.

وإنّما تمسّكنا بالإطلاق المقامي أو قل: الحالي، وليس الإطلاق الحَكَمي أو قل: اللفظي; لما يمكن أن يقال من أنّ روايات زكاة مال التجارة لم تكن بصدد بيان حدّ النصاب، وإنّما هي واردة جميعاً مورد بيان حكم آخر.


(1) الوسائل، ب 14 ممّا تجب فيه الزكاة، ح 1.

(2) الوسائل، ب 1 من زكاة الذهب والفضّة، ح 7.