المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

46


بالقياس إلى الدرهم وبالعكس، كان مألوفاً في عصر النصّ. والمظنون أنّ هذه كانت هي الحكمة في اشتراط بيع الصرف بالتقابض في المجلس، وكذلك الجودة والرداءة في الجنس كانت مألوفة وقتئذ، وكان هذا هو الداعي في تبديل الذهب بالذهب أو الفضّة بالفضّة مع الاختلاف في الوزن، فمنع الأئمّة(عليهم السلام) عن ذلك.

وبعد كلّ هذا نرجع مرّة اُخرى لنقول: لو كانت النقود الورقيّة اليوم مشمولة لوضع رسول الله(صلى الله عليه وآله) الزكاة على النقود لكان يجب: إمّا وضع نصاب لها، أو وضع نصاب واحد للنقدين; كي يعرف أنّ باقي النقود المستجدّة بالمستقبل تلحق بهما، أو تفرض زكاة مستقلّة لها بلا نصاب، وكلّ هذا لم يكن.

وهناك نقطة ضعف اُخرى في هذا الطرز من الاستدلال، وهو: أنّ فرض كفاية مجرّد زكاة النقدين في ذاك الزمان لحاجة الفقراء وقتئذ بعيد; لأنّ النقدين إنّما كان تجب الزكاة فيهما بعنوانهما بشرط حبسهما عن التجارة والتبادل، في حين أنّ هذا لم يكن يتحقّق إلّا من قبل من يريد أن يكتنز أو يدّخر النقد، وما كان أسهل في الغالب منع النقد عن تعلّق الزكاة به بعدم كنزه أو ادّخاره إلّا بأن يسبكه ويخرجه عن كونه منقوشاً أو نقداً رائجاً، وعليه فالظاهر أنّ النظر فيما مضى من صحيحي الحلبي ومحمّد بن مسلم إلى مجموع زكاة الذهب والفضّة وزكاة مال التجارة حيث تُقدّر زكاة مال التجارة أيضاً بواحد من أربعين، فالخارج من تلك الروايات ليس إلّا باقي الأعيان الزكويّة من الأنعام والغلاّت ممّا لا تُقدّر زكاتها بواحد من أربعين.

وإذا كان الأمر كذلك فالمفهوم من روايات تعليل تعيين الزكاة في واحد من أربعين بعلم الله بأنّ ذاك يكفي في إشباع الفقراء هو وجوب زكاة مال التجارة، وهذا ما لا تُفتي به الشيعة عادةً.

ولا أجد شيئاً يسكن إليه القلب أفضل من أن يقال: إنّ وضع الزكاة على النقود وكذلك