المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

345


لم يكن كذلك فكلّه للإمام، وهو المسمّى بالفيء، والإمام مأمور بجعل قسم من ذلك في بيت مال الإمامة، ينتقل من إمام إلى إمام، والقسم الآخر يكون ملكاً للإمام ملكيّة شخصيّة تنتقل بالإرث إلى ورثته، وتكون الإمامة حيثيّة تعليليّة لهذا الملك.

وهذا هو السرّ في اشتراك آية الفيء وآية الخمس في مسألة التقسيم السداسي، قال الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ﴾(1)، وقال الله تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾(2)، فكلتا الآيتين تعنيان تعيين حصّة الإمام، وهي في الفيء كلّ الغنيمة، وفي المأخوذ بالقتال خمس الغنيمة، وكلتاهما تجعل قسماً من حصّة الإمام في بيت مال الإمامة وقسماً منها لشخص الإمام.

فآية الخمس واضحة في أنّ ما لله وللرسول ولذي القربى في كفّة، واليتامى والمساكين وابن السبيل في كفّة اُخرى، وكان يفسّر ذلك لدى المشهور بأنّ الكفّة الاُولى هي سهم الإمام، والكفّة الثانية هي سهم السادة، ونحن بعد أن وضّحنا بطلان ذلك في بحث الخمس لا نفهم معنىً لهذا التقسيم بين الكفّتين، إلّا أن تكون الكفّة الثانية لمنصب الإمام وفي بيت مال الإمام، وتكون الكفّة الاُولى لشخص الإمام بحيثيّة تعليليّة وهي الإمامة.

وكذلك آية الفيء ورد فيها نفس التقسيم السداسي، وبنفس اللغة، إلّا أنّها في كلّ الفيء


(1) سورة الأنفال، الآية: 41.

(2) سورة الحشر، الآية: 7.