المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

336


قد يقال: إنّ الصحيح هو الثاني، وتشهد لذلك بعض الروايات من قبيل:

1 ـ صحيحة أبي ولاّد الحنّاط «قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل مسلم قتل رجلاً مسلماً عمداً، فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين، إلّا أولياء من أهل الذمّة من قرابته، فقال: على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته (دينه خَ لَ) الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليُّه يدفع القاتل إليه، فإن شاء قتل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية. فإن لم يسلم أحد كان الإمام وليّ أمره، فإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين; لأنّ جناية المقتول كانت على الإمام، فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين. قلت: فإن عفا عنه الإمام؟ قال: فقال: إنّما هو حقّ جميع المسلمين، وإنّما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية، وليس له أن يعفو»(1).

ووجه الاستدلال: أنّه لا إشكال في أنّ هذه الدية إرث من لا وارث له، وهو أحد مفردات الأنفال المصرّح به في الروايات التي ستأتي إن شاء الله في بيان تعداد الأنفال، وهو للإمام بلا إشكال، ولو كان لشخص الإمام لكان له العفو. إذن، فهو لمنصب الإمامة. ومقصوده بكونه للمسلمين ليس وجوب بقائه وقفاً على المسلمين كما في الأراضي الخراجيّة، أو وجوب صرفه في مصارف جميع المسلمين، أو تقسيمه عليهم كما في خراج الأرض الخراجيّة; لأنّه قد صرّح بكونه للإمام، ونحن نعلم أنّ الأنفال ليست لجميع المسلمين على نحو الشركة وإنّما يقصد: أنّ الإمام يصرفه وفق منصب إمامته فيما يكون من صالح المسلمين ولو بأن يصرفه لبعضهم، وليس المقصود ببيت مال المسلمين ما يكون من قبيل بيت الخراج، وإنّما المقصود بذلك بيت مال الإمامة بما لها من منصب، فإنّ مصارف ذلك عبارة عن مصارف المسلمين ومصالحهم.

ولعلّ السبب في قوله(عليه السلام): «ليس له أن يعفو» ـ مع علمنا بأنّ الإمام يعطي وينفل من


(1) الوسائل، ب 60 من القصاص في النفس، ح 1، ج 29، ص 124 بحسب طبعة آل البيت.