المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

332


وهذا الحديث وإن لم ينته إلى الإمام، وإنّما هذا الكلام كلام زرارة، لكنّه(رحمه الله) قد استشهد بمقطع تأريخيّ أو بمقاطع تأريخيّة من حروب رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والظاهر: أنّه منها ما أشرنا إليه من واقعتي مكّة وحنين، أو واقعة حنين بالخصوص.

ثُمّ إنّ بعضهم طبّق التنافي المُتراءى بين آية الأنفال وآية الخمس والذي بحثناه حتّى الآن على آية الفيء الواردة في سورة الحشر وآية الخمس.

وتوضيح الأمر: أنّ الفيء يختلف معناه عن معنى الأنفال ولو فرضناه مصداقاً من مصاديق الأنفال، فكلمة «الأنفال» تعطي معنى النافلة والزيادة والأمر الثانوي، كما مضى فيما سبق، وكلمة «الفيء» تعطي معنى الرجوع، وكأنّ إطلاق ذلك على الغنيمة يكون بمناسبة أنّ الأرض وما فيها للمسلمين، فما يغنمونه من الكفّار كأنّه رجع إلى الملاّك الأصليين.

ونقل الشيخ مرتضى البروجرديّ(قدس سره) عن المرحوم والده(قدس سره): أنّه تسالم الأصحاب على أنّ ما يؤخذ من غير أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو من الفيء والأنفال، وهو لله ولرسوله، وبعده للقرابة، والمال المأخوذ من بني النضير حسب حكاية الكتاب في سورة الحشر وهو قوله تعالى: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُم...﴾ لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فهو لله ورسوله، ولا يشاركه شركاؤه في الخمس، مع أنّ الآية المتّصلة بهذه الآية صرّحت بعين ما صرّحت به آية الخمس من التقسيم السداسيّ مطبّقة ذلك على كلّ الغنيمة لا على الخمس، ومحصّل الشبهة: أنّ الآية الاُولى ساكتة عن بيان المصرف وتعيين من له المال، ومقتصرة على بيان: أنّه ما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب، ولكنّ الله يسلّط رسله على من يشاء، فإن كانت الثانية مبيّنة لإجمال الاُولى فيُنافيه ما هو المسلّم من أنّ المأخوذ بلا خيل ولا ركاب من الأنفال ليس فيه ذلك التقسيم السداسيّ وإن كانت مساوقة لآية الغنيمة: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم﴾ (الواقعة في سورة الأنفال)