المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

328


المشركين، أو يصيبوا منك ضيعة، وإنّك إن تعط هؤلاء القوم ما طلبوا، يرجع سائر المسلمين ليس لهم من الغنيمة شيء، ثُمّ جلس، فقام الأنصاري فقال مثل مقالته ثُمّ جلس، يقول ذلك كلّ واحد منهما ثلاث مرّات فصدّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)بوجهه، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ﴾، والأنفال اسم جامع لما أصابوا يومئذ مثل قوله: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ومثل قوله: ﴿أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء﴾ثُمّ قال: ﴿قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ﴾فاختلجها الله من أيديهم فجعلها لله ولرسوله... فلمّا قدم رسول الله(صلى الله عليه وآله)المدينة أنزل الله عليه: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء...﴾ فهذا يوم بدر وهذا سبيل الغنائم التي اُخذت بالسيف(1).

هذا، ويؤيّد عدم النسخ أمران:

الأمر الأوّل: أنّه لا فاصل كبير بين نزول الآيتين على ما يقال من: أنّ آية الأنفال نزلت بعد النزاع في قصّة بدر، وآية التخميس نزلت بعد الرجوع إلى المدينة وقبل التصرّف بالغنيمة. فلو كانت آية الخمس نسخاً لكان نسخاً قبل العمل بالمنسوخ ولو مرّة واحدة، وهذا بعيد.

والأمر الثاني: أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) قد تصرّف في بعض الحروب بكلّ الغنيمة بتقسيم غير التقسيم على كلّ المقاتلين بعد نزول الآيتين بسنين كثيرة، حسب ما يحدّثنا التأريخ، فواقعة بدر هي من أحداث السنة الثانية من الهجرة، ونزلت آية الأنفال التي حسبت كلّ الغنيمة للرسول بعد الواقعة مباشرة، ونزلت آية الخمس التي جعلت الخمس من الغنيمة للرسول بعد الرجوع إلى المدينة مباشرة وقبل التصرّف بالغنيمة، في حين أنّ واقعة فتح مكّة وواقعة حنين كانتا في السنة الثامنة من الهجرة.


(1) أخذنا هذا المقطع من كتاب ولاية الفقيه للشيخ المنتظري، ج 3، ص 134.