المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

327


الخمس نصّت على أنّ أربعة أخماس منها للمقاتلين، وخمساً منها لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، أي: أنّ خمساً منها للحكومة الإسلاميّة تُصرف في تلك المصارف، ومن هنا قيل: إنّ آية الخمس نسخت آية الأنفال، أو قل: نسخت إطلاقها لتمام المال.

واُجيب على ذلك بأنّ آية الأنفال الدالّة على أنّ الغنيمة كلّها للحكومة الإسلاميّة باقية على قوّتها، وأنّ آية الخمس بيان لكيفيّة تعامل الحكومة الإسلاميّة بتلك الأموال، وكيفيّة تقسيمها، ولا تنافي بينهما(1).

والخلاصة: أنّه بالإمكان أن يقال: إنّ الخلاف الذي وقع بين الأصحاب الوارد في نقل ابن عبّاس عالجه وأبطله بالحكم بكون جميع الغنيمة لله وللرسول، ثُمّ أنزل بعد ذلك في آية الغنيمة (أعني آية: 41 من الأنفال) طريقة تصرّف الرسول في ذلك، وهي: أنّه مع إمكان استغناء منصب الإمامة ممّا عدا الخمس أخذ الرسول الخمس وقسّم الباقي على أهل الحرب بكلا قسميهم على حدّ سواء، أعني: الذين اشتركوا في القتال والذين بقوا تحت الرايات عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)، من دون أن يكون هذا نسخاً لذاك.

وقد ورد في تحف العقول ما ملخّصه: وأمّا الغنائم لمّا كان يوم بدر قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أسّر أسيراً فله من غنائم القوم كذا وكذا، فلمّا هزم الله المشركين وجمعت غنائمهم قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، إنّي قتلت قتيلين لي بذلك البيّنة، وأسّرت أسيراً، فأعطنا ما أوجبت على نفسك يا رسول الله، ثُمّ جلس، فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، ما منعنا أن نصيب مثل ما أصابوا جبن عن العدوّ، ولا زهادة في الآخرة والمغنم، ولكنّا تخوّفنا إن بعد مكاننا منك فيميل إليك من جند


(1) راجع تفسير الأمثل، ج 5 أوّل تفسير سورة الأنفال، ص 355.