المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

326


ووجه التنافي بين آية الخمس وآية الأنفال التي وقعت في أوّل سورة الأنفال هو: أنّ التأريخ يحدّثنا على لسان ابن عبّاس بشأن قصّة بدر ما خلاصته مع غضّ النظر عن الاختلافات الواردة في خصوصيّات القصّة: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعد المجاهدين تشويقاً لهم بإعطاء بعض الجوائز من الغنائم لمن يفعل كذا، من قبيل تأسير العدوّ الفلاني أو قتله. وتسابق الشبّان بالإسراع إلى الأهداف في حين أنّ المسنّين بقوا تحت الرايات، وحينما انتهت الحرب قدم الشبّان على الرسول(صلى الله عليه وآله) لتقاسم الغنائم، ولكنّ المسنّين طالبوا أيضاً بحقوقهم محتجّين بأنّ قوّتكم في حربكم كانت بالاعتماد علينا الذين كنّا من خلف، ولو كنتم تنكسرون، كنتم تلجؤون إلينا، ووقع نزاع بالخصوص بين شخصين من الأنصار، فنزلت الآية المباركة، ونزعت الغنائم منهم جميعاً، وخصّتها بالله والرسول، وأمرتهم بإصلاح ما بينهم من الخلافات. ويؤيّد هذا التفسير قوله تعالى في ذيل الآية: ﴿فَاتَّقُوا اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾.

وتسمية الغنائم بالأنفال تكون بمناسبة أنّ النفل بفتح فاء الفعل وعين الفعل، أو بفتح الأوّل وسكون الثاني يكون بمعنى الزيادة والإضافة، كما تسمّى الصلوات المستحبّة بالنافلة، ويسمّى الحفيد بالنافلة باعتباره إضافة على الأولاد، فالأنفال بالنسبة لقوم ما تعطي معنى الاُمور الثانويّة والإضافيّة، والنافلة بالنسبة لهم كرؤوس الجبال أو الوديان أو الصحاري وما إلى ذلك، ولكن الأنفال لو استعملت في مورد الحرب وبمعنى النفل على المسلمين من الكفّار، كان معنى ذلك: أنّ الغنائم تعتبر فائدة إضافيّة للمسلمين.

فغنائم الحرب نافلة: إمّا بمعنى أنّها مال إضافي حصل للمسلمين، وانقطع عمّن كان له من الكفّار، وإمّا بمعنى: أنّ الهدف الأصليّ من الحرب هو دحض العدوّ، وأمّا المال فأمر إضافي.

فهذه الآية ـ كما ترى ـ دلّت على أنّ جميع غنيمة الحرب لله وللرسول، في حين أنّ آية