المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

321


ولكنّه يعتبر إجحافاً بالنسبة لمن أتلف ماله، فلذا يكون حديث رفع القلم الامتناني منصرفاً عنه. وهذا بخلاف الضرائب كالخمس والزكاة، فإنّها تعتبر عرفاً ثِقلاً على الكاهل، وليس رفعها في نظر العرف إجحافاً بشأن الآخرين، فحديث رفع القلم يشملها بالإطلاق.

الوجه الثاني: دعوى التشكيك في إطلاقات أدلّة الخمس بدعوى: أنّ جوّاً تشريعيّاً يمنع عن الطفل الحكم التكليفيّ الإلهي والثِقل الماليّ الزكوي ويجعل عمد الصبيّ خطأً تحمله العاقلة لا يُبقي إطلاقاً لدليل الثقل الماليّ الذي يكون منشؤه مجرّد التشريع من دون حقّ عقلائيّ سابق، من قبيل ضمان الإتلاف الذي يعتبر حقّاً عقلائيّاً للناس أمضته الشريعة. والخمس ثِقل ماليّ جاء بمحض التشريع، فالجوّ التشريعيّ الذي خلا عن ثقل التكليف، بل وعن الثقل الماليّ الزكويّ أيضاً، وعن تحمّل الصبيّ عمده في القصاص والدية يوجب انصراف دليل الخمس عن الصغير والمجنون.

ولو لم نقتنع بشيء من الوجهين قناعة كاملة، وبقينا شاكّين، فلو آمنّا بجريان البراءة عن حكم وضعيّ فيه الثقل، جَرَت البراءة عن الخمس، ولو لم نؤمن بذلك، أمكن نفي الخمس باستصحاب العدم الأزليّ، أو العدم الثابت قبل تملّكه لهذا المال، وإثبات ملكيّته التي هي موضوع لتعلّق الخمس ولو ملكيّة تقديريّة على الأقلّ.

بل لا حاجة إلى استصحاب العدم الأزلي، ولا استصحاب عدم الخمس الثابت قبل تملّكه للمال، ولا إلى التشبّت بالملكيّة التقديريّة; وذلك لأنّنا: إمّا أن نقول: إنّ الخمس يتعلّق بالمال في نهاية السنة، فنجري استصحاب عدم الخمس في أوّل السنة، أو نقول: إنّ الزيادة عن المؤونة في نهاية السنة تكشف عن تعلّق الخمس بالمال من أوّل السنة، ولكن لا إشكال في أنّه في أوّل السنة كان يجوز له التصرّف في المال تصرّف الملاّك بدليل جواز تأخيره للتخميس إلى آخر السنة، فيستصحب نفس هذا الحكم.

وبعد أن يبلغ الصبيّ، أو يفيق المجنون يشمله من الآن دليل الخمس بماله بعد استثناء المؤونة، فلابدّ في تعلّق الخمس من زيادة المال على مؤونة السنة من حين البلوغ أو العقل.