المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

309


ولا يشمل مؤونة العمر; لما مضى سابقاً. فإذن لا يبقى الكلام إلّا في معرفة معنى المؤونة، وقد تحصّل من كلّ ما أسلفناه أنّ الوجوه الرئيسة في تفسير مصاريف المؤونة ثلاثة:

الأوّل: تفسيرها بالمصاريف الاستهلاكيّة التي تستهلك للحاجات العرفيّة، ولو مع توسيع ما يقصد بالاستهلاك ليشمل استهلاك المنافع الطبيعيّة، كما في سكنى الدار، وشرب حليب البقرة، وأكل ثمار الشجرة، فمثل هذا كاف في سقوط الخمس عن الدار، أو البقرة، أو الشجرة.

والثاني: إلحاق الأرباح التجاريّة بالمنافع الطبيعيّة في كفاية استهلاكها لسقوط الخمس عن رأس المال.

والثالث: أمر وسط بين الأمرين، وهو افتراض أنّ صدق المؤونة يتوقّف على أحد أمرين: إمّا الاستهلاك في الحاجات العرفيّة، أو توقّف إمرار المعاش على ذلك المال، وهذا ينتج استثناء رأس المال من التخميس بشرطين أو ثلاثة بالتفصيل الذي عرفت.

فأيّ من هذه التفاسير هو الصحيح؟!

لا دليل منطقيّ، ولا معادلة رياضيّة، ولا برهان فلسفيّ يدلّنا على أحد المحتملات الثلاثة، ولا يوجد عدا الاستظهار العرفيّ.

والذي نستظهره في المقام أمران:

الأوّل: أن دخل شيء في صدق المؤونة أو الصرف في المؤونة لا علاقة له بتوقّف الإعاشة عليه، فإنّ المؤونة تعني ما يحتاج إليه الإنسان في إعاشته، والصرف فيها يعني صرف المال في تلك المؤونة، فلو عمّمنا الصرف للصرف التجاري، فسواء كان يمتلك مالاً آخر يمكنه الاستغناء به عن صرف ربح هذه التجارة، أو لم يمتلك ذلك، يكون صرف ربح هذه التجارة في تلك الحاجة صرفاً في المؤونة رغم فرض امتلاكه لمال آخر، ولو قلنا: إنّ المقصود بالصرف في المؤونة استهلاكه فيها ولو بمعنى الاستفادة من الدرّ