المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

303


إمّا بأن يضعه في صندوق ويسحب منه في كلّ يوم ديناراً، أو بأن يشتري به سيّارة مثلاً ويعيش باُجرتها كلّ يوم ديناراً; إذ الصرف في المؤونة لا ينحصر في صرف نفس العين وإتلاف المال بذاته، بل المحتاج إليه هو الجامع بين صرف العين وصرف المنافع لتحقّق الإعاشة بكلّ من الأمرين، فهو مخيّر بينهما، ولا موجب لتعيّن الأوّل بوجه.

إذن لابدّ من التفصيل بين ما لو كان محتاجاً إلى رأس المال ولم يكن له رأس مال آخر بحيث توقّفت إعاشته اليوميّة على صرف هذا المال عيناً أو منفعة، فلا خمس فيه، وبين غيره، ففيه الخمس، ضرورة عدم كون مطلق رأس المال بلغ ما بلغ من مؤونة هذه السنة، وقد عرفت أنّ المستثنى هو مؤونة السنة لا غيرها.

وقد أفتى(رحمه الله) بمضمون هذا الكلام في رسالته العمليّة منهاج الصالحين(1)، وكذلك أفتى به في تعليقه على العروة، أعني: تعليقه على احتياط العروة بوجوب تخميس رأس مال التجارة، وهذا نصّ التعليق: «لا يبعد عدم الوجوب في مقدار مؤونة سنته إذا اتّخذه رأس مال وكان بحاجة إليه في إعاشته»(2).

أقول: لو أخذنا بأوّل ما يتبادر إلى الذهن من صدر هذه الكلمات من أنّه لو ملك مقدار حاجة مؤونة السنة كثلاثمئة وستّين ديناراً، فجعله رأس مال، لم يجب عليه الخمس، كان الاعتراض عليه واضحاً; فإنّ الوجه في كلامه هو ما قال من أنّ هذا مؤونته، وشاء أن يستفيد منه عن طريق التجارة كي يستطيع إدامة العيش، فلا خمس فيه. والاعتراض الوارد عليه بوضوح هو: أنّه لا إشكال عنده وعند غيره في أنّ استثناء مقدار المؤونة مشروط بالصرف في المؤونة، فإن كان جعله رأس مال يدّر عليه مؤونته كافياً في صدق


(1) ج1، المسألة رقم 1219، ص335 ـ 336 بحسب الطبعة 28 في مطبعة مهر في قم المقدّسة.

(2) راجع الجزء الثاني من تعليقه على العروة، ص 188.