المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

178


بصددها ابتداءً، لكن المفهوم عرفاً من ذلك إمضاء ما عليه العقلاء من أنّ الكنز القديم الذي باد أهله في ظاهر الحال يعدّ حاله حال المعادن والغوص ممّا تعتبر من الأموال العامّة التي للعقلاء أن يمتلكوها، كسائر المباحات العامّة، خاصّة وإنّ الكنوز عدّت في أخبار الباب في سياق المعدن والغوص، ومساق الجميع بنظر العرف واحد، إلّا أنّ الروايات أضافت ضريبة على هذه الأموال، وهي الخمس، ولا يُعدّ كنز من هذا القبيل عند العقلاء من مجهول المالك، فهم لا يسمحون تملّك مجهول المالك الذي يكون مالكه أو وارثه موجوداً، بل يرون ضرورة الفحص عن المالك. وأمّا الكنز فبمرور الزمان عليه انقطعت لدى العرف علاقة المالك عنه بالكلّيّة، وأصبحت كالمباحات المغتنمة. فبهذا يظهر جواز تملّك الكنز وإن علم بالآثار والقرائن كون مالكه الأصلي من المسلمين، فضلاً عن صِرف وجود أثر الإسلام الذي غايته حصول الظنّ بكون المالك مسلماً.

قال: وما ذكرناه من البيان هو ملخّص ما ذكره في مصباح الفقيه، وما ذكره الاُستاذ العلاّمة آية الله البروجرديّ طاب ثراهما.

وأضاف الشيخ المنتظريّ: أنّ الكنوز والمعادن بنظر العرف والعقلاء من الأملاك العامّة المعبّر عنها بالأنفال، فالنظر فيهما إلى الإمام، وفي غيبته إلى الحكّام العدول. ويستفاد من أدلّة الخمس فيهما إذن الشارع أو الإمام في التصرّف فيهما، والاستفادة منهما بشرط أداء هذه الميزانيّة المعيّنة. فالخمس ميزانيّة إسلاميّة جعلت من ناحية الشرع أو الإمام بإزاء الاستفادة منهما. ثُمّ أمر بالتأمّل(1).

وهذه الإضافة التي أشار فيها إلى كون الكنز من الأنفال ليست مقوّمة لكلام الشيخ الهمدانيّ والسيّد البروجرديّ(رحمهما الله)، وإنّما هي ناتجة من نظره هو إلى الكنز، وهو كونه من


(1) راجع كتابه في الخمس، ص 83 ـ 85.