المولفات

المؤلفات > الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف

40

معلّميه، وأكثر ما كان يلفت نظرنا هو اهتمام المعلّمين به دون استثناء، فقد كانت له شخصيّة تفرض وجودها، وسلوك يحملك على احترامه، والنظر إليه نظرة تختلف عن نظرتك لبقيّة زملائه.

كنّا نعرف عنه أنّه مفرط في الذكاء، ومتقدّم في دروسه تقدّماً يبزّ فيه زملاءه كثيراً، أو ندر نظيره، وما طرق أسماعنا أنّ هناك تلميذاً في المدارس الاُخرى يبلغ بعض ما يبلغه من فطنة وذكاء؛ لذا اتّخذه معلّموه نموذجاً للطالب المجدّ والمؤدّب والمطيع، فما من درس يمرّ بنا إلاّ وكان حديث المعلّم عنه يطغى على ما يلقّننا من مادّة، وكان ذلك يزيدنا احتراماً له وإعجاباً به، حتّى أخذ بعض الطلبة يجهد نفسه في تقليده في مشيته وفي حديثه وفي جلوسه في الصف؛ لينال ما يناله من احترام وإعجاب، وقد بلغ احترامُ زملائه له وجميعُ تلاميذ المدرسة احترامهم لمعلّميهم إن لم يتعدّه أحياناً، فهم يتهيّبون التحدّث إليه، إلاّ إذا شعروا برغبة منه في الحديث، وإلاّ أن يكون هو البادئ في الحديث.

وقد تجاوز هذا الإعجاب به والحديثُ عنه جدران المدرسة إلى الشارع والسوق والمدارس الاُخرى وفي كلّ مكان، حتّى إنّني فوجئت يوماً أنّ أبي يدعوني إلى أن أقتدي به في سلوكي وفي حديثي مع الناس، وقد كان هذا شأن كثير من الآباء مع أبنائهم لو أرادوا لهم النصح.

وممّا زاد تعرّف الناس عليه هو قيامه بإلقاء الخطب والقصائد التي كان يهيّئها له معلّموه المتمكّنون من اللغة العربيّة في المواكب