المولفات

المؤلفات > الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف

183

الاتّجاه، فتجمّعوا في الحرم الشريف، وبدؤوا بقراءة دعاء الفرج كاُسلوب للتجمّع والتهيّؤ، وكان الأخ حجّة الإسلام السيّد علي أكبر الحائريّ ـ وهو أحد تلاميذ السيّد الشهيد والمقرّبين إليه ـ هو أوّل من جاء إلى منزل السيّد الشهيد، واستفسر عن حادث الاعتقال،


فى القضيّة، ولاذاك الثالث الذي انطلق القرار من بيته، فصمّمت على أن أبدأ بالأمر، فشرعت بقراءة دعاء الفرج، وكان الجميع يردّدون معي جملة جملة، إلى أن بلغنا اسم الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه، فقمنا جميعاً إجلالاً له(عليه السلام)، ثُمّ بدأت الشعارات: الله أكبر، الله أكبر، نصر من الله وفتح قريب، عاش عاش عاش الصدر... وانطلقت المظاهرة بركضة سريعة.

وهنا لابدّ لي من الإشارة إلى مشاركة المرأة المسلمة العراقيّة في هذه الانتفاضة، حيث تواجد عدد من المؤمنات الرساليّات في الحرم الشريف، واشتركن في بداية المظاهرة، إلاّ أنّ سرعة حركة المظاهرة منعتهنّ عن إمكان الالتحاق بالرجال عند الخروج من الحرم الشريف، فتفرّقن بطبيعة الحال، وتعرّض بعضهنّ إلى المراقبة والملاحقة من قبل أعضاء جهاز الأمن الإرهابيّ في العراق.

ولمّا انطلقت المظاهرة التحق بنا جمع غفير من المؤمنين من خارج الحرم الشريف، وسرعان ما اتّسع العدد ـ أيضاً ـ عند ما دخلت المظاهرة شارع الإمام الصادق(عليه السلام). وحاولت أجهزة الأمن الإرهابيّة بشتّى الأساليب أن تفرّق المتظاهرين منذ خروجهم من الصحن الشريف فلم تستطع، حتّى اقتحمت سيارة الأمن جموع المتظاهرين وهم في شارع الإمام الصادق(عليه السلام)، فلم تحصل إلاّ على ضربات قاسية على زجاجها من قبل المتظاهرين.

ثُمّ واصلت المظاهرة طريقها في شارع الإمام الصادق(عليه السلام) إلى أن واجهت قوىً أمنيّة مكثّفة من جهة الأمام، فحرفت مسيرها إلى جهة السوق الكبير من أحد الأزقّة المؤدّية إليه، ولمّا دخلنا السوق وجدنا المحلاّت كلَّها معطّلة، فواصلنا السير في داخل السوق إلى أواخر السوق حيث وقع الاشتباك بين المتظاهرين وجهاز الأمن الإرهابيّ، رغم تجرّد المتظاهرين من كلّ سلاح. وتعالت أصوات إطلاق الرصاص من قبل الجلاوزة، ثُمّ رجع المتظاهرون في داخل السوق باتّجاه الحرم الشريف حيث كان الجلاوزة ينتظروننا على مدخل السوق، فاضطررنا الرجوع مرّةً اُخرى من إحدى الأزقّة إلى شارع الإمام الصادق(عليه السلام). وبدأ التفرّق من هناك حيث هرب من هرب، واُلقي القبض على من اُلقي.

ثُمّ بدأت عملية إلقاء القبض على الناس بصورة عشوائيّة في أكثر شوارع النجف الأشرف، ممّا يدلّ على مدى الرعب والوحشة التي ابتلت بها الجلاوزة على أثر هذه المظاهرة.