المولفات

المؤلفات > الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف

182

معتقلي المرجع المظلوم.

إلى جانب الشهيدة العظيمة كانت هناك مجموعة من الطلبة والمؤمنين(1) قد هزّهم الحدث، ورفعهم الإيمان إلى التحرّك بنفس


(1) وأحدهم السيّد علي أكبر الحائريّ الذي كتب يقول في شرح القِصّة ما يلي:

عند ما اعتُقل السيّد الشهيد(رحمه الله) في ساعة مبكّرة من صباح يوم السابع عشر من رجب سنة (1399 هـ ) كانت الشهيدة (بنت الهدى) أوّل من خرجت لإشاعة هذا النبأ، وكسر طوق التعتيم البعثىّ الذي كانوا يخيّمونه على جرائمهم، فنطقت نطقها صارخة فى حرم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وأدّت دورها البطولىّ الرائع فى إبلاغ خبر اعتقال هذا المرجع العظيم من قبل جلاوزة السلطة الغاشمة، وسرعان ما اشتهر هذا النبأ فى أوساط المؤمنين المخلصين للسيّد الشهيد(رحمه الله) فى النجف الأشرف، وكان الخبر فى بادئ الأمر على شكل شائعة غير مؤكّدة، وكان جلاوزة الأمن واقفين على باب دار السيّد الشهيد يراقبون الأوضاع عن كثب خشية وقوع حادثة أو ردّ فعل معيّن.

وبعد التأكّد من الخبر وقع الاضطراب والبلبلة فى أوساط المؤمنين، وكانت تخيِّم علينا جميعاً حالة التحيّر والشكّ فى الوظيفة العمليّة، رغم إحساس الجميع بضرورة وقوع ردّ فعل جماهيريّ عظيم تجاه هذه الجريمة النكراء التى قامت بها السلطة الظالمة، ولكن كلّ يقول: ماذا نصنع؟ كيف نتحرّك؟ ما هي الوظيفة؟ ما هو الاُسلوب؟... وأنا بدوري شعرت ـ أيضاً ـ بأنّ هذه ساعة حرجة لابدّ فيها من اتّخاذ موقف سريع، فذهبت مع أحد الإخوة المؤمنين ـ من طلاب السيّد الشهيد(رحمه الله) ـ إلى بيت شخص آخر من زملائنا الأعزاء، فعقدنا هناك اجتماعاً ثلاثيّاً للتخطيط حول ما يجب صنعه فى هذه الساعات الحرجة، فكانت نتيجة هذا الاجتماع هو التصميم القاطع بتنظيم مظاهرة جماهيريّة للاحتجاج على هذه الجريمة النكراء، مع وضع الخطة الكاملة من حيث: تعيين مكان التجمّع، وساعة الانطلاق، وكيفيّة الإعداد. فقد عيّنا الحرم الشريف مكاناً للتجمّع وصمّمنا على الانطلاق من هناك على رأس الساعة العاشرة بعد قراءة دعاء الفرج. وانّما اخترنا دعاء الفرج ضمن الأدعية المأثورة باعتبار أنّ هذا الدعاء ينتهي باسم الإمام الحجّة عجّل الله فرجه، وسيقوم الناس بطبيعتهم احتراماً لاسم الإمام(عليه السلام)، فيكون هذا القيام إعداداً للانطلاق فى المظاهرة، وهكذا كان، فقد خرجت أنا وصاحبى من بيت ثالثنا؛ لنبلّغ المؤمنين بهذا القرار، فمررنا بأكثر المدارس العلميّة فى النجف، وبلّغنا من وجدنا فيها من الطلاّب والمؤمنين، والتقينا بمن التقينا من المؤمنين ـ أيضاً ـ فى الطرق والشوارع، وبلّغناهم بالأمر، ولمّا قرب الموعد ذهبت إلى الحرم الشريف، وانتظرت هناك إلى أن حان الوقت، واجتمع عدد من المؤمنين، ولم أجد صاحبى الذي كنت أتعاون معه