المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج2

21

والجواب الصحيح في المقام ان يقال: إنّ المفهوم عرفاً من حديث الرفع وفق الارتكاز العقلائي هو النظر إلى نكتة كون الإكراه كأنَّه مضعِّف للقدرة والاختيار فيكون ترتّب الحكم على ما صدر منه بمنزلة ثبوت الحكم على العاجز الذي لا يستطيع الفرار عنه بترك السبب، وهذا الوصف غير صادق لدى الإكراه على جزء السبب إذ باستطاعته التفصّي عن النتيجة بترك الجزء الآخر، فمثلا لو كان الحرام مؤلَّفاً من جزءين بحيث لو فعل أحدهما لم يكن حراماً وكان الجزءان عَرضيين من حيث الزمان ففعل أحدهما إكراهاً وضمّ الآخر إليه اختياراً فهل بالإمكان القول بارتفاع الحرمة والعقاب بسبب كون أحد الجزءين مكرَهاً عليه؟! ومن الواضح انّه في هذا الفرض لا يأتي ما ذكره من الجواب بامتنانية الرفع فان رفع الحرمة والعقاب فيه امتنان على كل حال.

وذكر الشيخ الانصاري (رحمه الله)(1): انّ التمكّن من التورية لا يمنع عن صدق الإكراه والتمكّن من التفصّي بوجه آخر من قبيل الخروج من الغرفة إلى غرفة اُخرى يستطيع فيها ان يحتمي بمَن يمنعه عن ظلم الظالم يمنع عن صدق الإكراه (والعقد رغم هذا يكون باطلا في رأيه (رحمه الله) لأجل فقدان الرضا وطيب النفس) والوجه في هذا الفرق هو انّ المقياس في صدق الإكراه هو حصول التخوّف من بطش المكرِه على تقدير علمه بعصيان المكرَه إيّاه لا مطلقاً إذ من الواضح انّ المكرِه انّما يبطش بالمكرَه لو علم بعصيانه إيّاه دون ما لو اعتقد طاعته له وهذا البطش على تقدير العلم ثابت لدى التفصّي بالتورية إذ لو علم المكرِه، بانّ المكرَه قد ورَّى لبطش به وغير ثابت لدى التفصّي بمثل الخروج من الغرفة والاحتماء


(1) في المكاسب 1: 120، حسب الطبعة المشتملة على تعليقة الشهيدي.