المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

369

وأمّا النقض الثالث ـ وهو أنّ امتناعنا عن تهيئة المقدمات قد لا يؤدّي إلى إزالة المبغوض لانّ الخمّار سيشتري عندئذ العنب من غيرنا مثلا، فقد مضى أنّ هذا إنّما يرد في المقام بعد فرض إرجاع الدليل الأوّل وهو دعوى حكم العقل بقبح إيجاد سبب المعصية وشرطه إلى أحد شقي ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ من الدليل الثالث وذاك الشقّ هو دعوى حكم العقل بوجوب دفع المنكر وانّهما يعودان إلى روح واحدة وهي ضرورة إخلاء صفحة الوجود مما يبغض المولى، تارة بعدم خلق السبب كما في المقام، واُخرى بدفعه فعندئذ نقول: إنّ دفع المنكر حاله حال ما مضى من مثال رفع جسم ثقيل فهو متوقف على تعاون جماعة عليه وبتخلف بعضهم يسقط عن الآخرين بالعجز.

وأجاب السيد الإمام (رحمه الله) عن ذلك في بحثه عن الدليل الثالث بأنّ هناك فرقاً بين وجوب دفع المنكر ووجوب رفع جسم ثقيل من الأرض وهو أنّ رفع الجسم الثقيل ليس له إلّا مصداق واحد يقوم به الكل ولا ينحل حكمه إلى أحكام استقلالية بعدد مصاديق كثيرة له. فإذا امتنع البعض عن التعاون في تحقيق هذا المصداق فقد عجز الآخرون عن تحقيقه وسقط الحكم عنهم لا محالة. وأمّا في المقام فدفع المنكر وإنْ كان أيضاً ليس له عدا مصداق واحد متقوّم باتفاق الكل على عدم بيع العنب من هذا الخمّار مثلا ولكن إذا وجب هذا الدفع فقد حرم نقض الدفع، إمّا بعنوان أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ شرعاً، وإمّا بلحاظ أنّ العقل يحكم بقبح الضد العام للواجب بلا إشكال، فإذا وجب الصوم مثلا قبح تركه وعوقب المكلف على تركه بلا كلام، ولئن لم يكن لدفع المنكر في المقام عدا مصداق واحد فلضدّه العام وهو نقض الدفع مصاديق كثيرة فبيعي للعنب إيّاه نقض للدفع وبيع الشخص الآخر له إيّاه مصداق آخر لنقض الدفع وبيع الثالث مصداق