المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

257

كانت بما هم متشرّعة فهي دليل إنّي على رأي الشارع، إذ لا تتكوّن إلّا برأيالشارع وسيرتهم بما هم عقلاء دليل على عدم ردع الشارع ردعاً كاسراً لها، إذ لو ردع كذلك لانكسرت، وهو خلاف الفرض، على أنّ المفروض عدم وصول الردع، وعدم ردعه كذلك دليل الرضا.

الثالث ـ أنّه بعد تسليم سيرة العقلاء على المعاطاة أمكن إثبات سيرة المتشرّعة ـ ولو بما هم عقلاء ـ ، بأنّنا نعلم حتماً أنّ المجتمع ـ أيّ مجتمع كان ـ لا يخلو عن سيرة قائمة على طريقة المعاملة، فإن لم تكن سيرة المتشرّعة قائمة على طبق سيرة العقلاء فهي قائمة حتماً على خلاف سيرة العقلاء، ولو كان الأمر كذلك لكان هذا ملفتاً للنظر، ولتناقلته الألسن، وكان يصلنا خبره ولم يصل، فبهذا البيان تثبت سيرة المتشرّعة ولو بما هم عقلاء على المعاطاة، إلّا أنّ سيرة المتشرّعة في هذا التقريب ثبتت في طول ثبوت سيرة العقلاء، وفائدة ثبوتها أنّنا لسنا بحاجة في مقام تتميم الدليل على صحّة المعاطاة إلى القول بأنّه لو ردع الشارع لوصل الردع إلينا، فإنّ نفس قيام سيرة المتشرّعة دليل على المقصود بلا حاجة إلى البحث عن وصول الردع وعدمه، لأنّها إن كانت سيرة لهم بما هم متشرّعة فهي في طول رأي الشارع، وإن كانت سيرة لهم بما هم عقلاء، فنفس ثبوتها دليل على عدم صدور الردع الكاسر، وإلّا لانكسرت، وهو خلف. وهذا بخلاف ما لو لم تثبت عدا سيرة العقلاء، فإنّنا عندئذ بحاجة إلى البحث عن عدم وصول الردع، فلو شكّك مُشكِّك في عدم وصول الردع لمثل ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ من حديث «إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام»، فهذا التشكيك قد يضرّ بالتمسّك بسيرة العقلاء، ولكنّه لا يضرّ بالتمسّك بسيرة المتشرّعة ولو بما هم عقلاء، وإن كان ثبوتها لنا في طول ثبوت سيرة العقلاء.

هذا تمام كلامنا في إثبات صحّة المعاطاة بالسيرة.