المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

25

وثالثاً ـ أنّ من يقول بكون الملكيّة منتزعة من جواز التصرّف لا يقصد بذلكالانتزاع الفلسفيّ، وهو انتزاع مفهوم كامن في شيء من ذلك الشيء، وإنّما المقصود به كونها مجعولة ومعتبرة في طول جعل الحكم التكليفي وبلحاظه.

أقول: إنّ هذا الإشكال الأخير لو قصد به تفسير انتزاعيّة الملك، بمعنى جعله بجعل مستقلّ ولكن في طول جعل آخر وهو جعل الحكم التكليفيّ وبلحاظه، فلو تمّ هذا الإشكال يرد على البرهان الأوّل أيضاً من برهانَي عدم انتزاع الملك من الحكم التكليفيّ، وهو الانفكاك أحياناً عن الحكم التكليفيّ، وذلك لأنّه لو فرض أنّ المقصود بالانتزاع عن الحكم التكليفيّ كونه مجعولا ومعتبراً في طوله وبلحاظه فليس من الضروريّ عدم الانفكاك المطلق؛ إذ قد يجعل عنوان اعتباريّ بلحاظ ما يغلب وجوده من الحكم التكليفيّ وإن لم يكن دائم الوجود. ولكن من المستبعد جدّاً أن يكون مقصود من يقول بانتزاعيّة الملك هذا المعنى. إذ لا يتحصّل معنىً فنّي للبحث والخلاف حول الملكيّة المجعولة بجعل مستقلّ في أنّها هل جعلت بلحاظ الحكم التكليفيّ أو جعلت بقطع النظر عنه؟

أمـّا لو كان المقصود بهذا الإشكال الأخير تفسير انتزاعيّة الملك بمعنى كونه مجعولا جعلا تبعيّاً ويكون الجعل الأصلي والمستقلّ عبارة عن جعل الحكم التكليفيّ، فهذا لا يخالف أصل الانتزاع الفلسفيّ، غاية ما هناك أن يقال: ليس بالضرورة كون الجعل الأصليّ هو منشأ الانتزاع، ويكفي في التبعيّة كونه سبباً للانتزاع، وكون منشأ الانتزاع هو المالك مثلا، وهذا رجوع إلى الوجهين السابقين.

وعلى أيّ حال فقد اختار اُستاذنا الشهيد (قدس سره) كون الملكيّة من الاُمور الاعتباريّة والمجعولة، لا لبرهان على ذلك، بل لوضوح ذلك بالوجدان. وقال (رحمه الله): إنّ البحث عن كون الملكيّة أمراً اعتباريّاً أو حقيقيّاً إنّما هو بحث على