المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

135

إلّا أنّ الصحيح: أنّ هذا الوجه لا يثبت الإمضاء، إذ غاية ما يثبت به هو عدمالإطلاق لتلك الأدلّة لما بعد الإسقاط. وأمّا السقوط بالإسقاط فلا يثبت بها، بل يبقى مشكوكاً يجب الرجوع فيه إلى القواعد.

الثالث: الرجوع إلى الأخبار الظاهرة في الإمضاء كصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قلت له: رجل جنى إليَّ أعفو عنه أو أرفعه إلى السلطان؟ قال: هو حقّك، إن عفوت عنه فحسَن، وإن رفعته إلى الإمام فإنّما طلبت حقّك، وكيف لك بالإمام»(1). فهذا ظاهر في ذكر الصغرى والإحالة في الكبرى على الارتكاز العقلائيّ، فيدّل على إمضائه بحدوده العقلائيّة.

ثمّ إنّ هذا الطريق ـ أعني التمسّك بالسيرة العقلائيّة مع إثبات الإمضاء بعدم الردع أو بالرجوع إلى الأخبار الظاهرة في الإمضاء ـ لا يضرّه وجود بعض الموادّ للنقض وانخرام القاعدة، فتلك الموارد تعتبر ردعاً عن السيرة، وهذا لا ينافي الإمضاء في الموارد الاُخرى بالسكوت أو بتلك الأخبار.

ومع وجود هذا الطريق لا ننتهي إلى ما انتهى اليه السيّد الخوئيّ من انغلاق باب البحث عن كون شيء مّا حقّاً وعدمه بنحو منتج فقهيّاً. هذا تمام ما أردنا نقله عن اُستاذنا الشهيد (رحمه الله).

ولا يخفى أنّ إثبات الإمضاء بعدم الردع وإثباته بمثل ما مضى من صحيح محمّد بن مسلم كلاهما ينتجان جواز الإسقاط بمستوىً واحد، ولا يتوهّم أنّ نتيجة الثاني أوسع من الأوّل باعتبار ظهور الحديث في أنّ موضوع جواز الإسقاط هو الحقّ، وهو يشمل حتى الحقّ الذي ليس في ارتكاز العقلاء قابلا للإسقاط كحقّ الولاية.


(1) الوسائل 18: 329، الباب 17 من أبواب مقدّمات الحدود، الحديث 1.