المولفات

المؤلفات > أساس الحكومة الإسلاميّة

53

شكل الحكم في أشكالها الوضعية.

وهي تركز على أن التصويت وتجميع الآراء ان كان نافعاً ـ بغض النظر عن الملاحظات الأخرى ـ فإنما ينفع من ناحية الاستجابة لمقتضى الضمير والأخلاق من ناحية حساب حقوق الكل عند سن القوانين، إلا أنه ليس سبيلاً مضموناً للحفاظ على مصالح المجتمع ومعرفة العلاج الأنجح والنظام الأصلح، بل ان الأسلم من هذا السبيل هو التركيز على جماعة من الخبراء وذوي الرأي الحصيف، وترك الأمر إليهم ليتشاوروا ويتبادلوا الأفكار لينتخبوا أفضل حل للمشاكل الاجتماعية. اما الرجوع الى الشعب كله، فمعناه تسليم الحل الى مجموع كبير أكثره يسيطر عليه الجهل والهوى، وربما ضاع الحق بين فوضى الأصوات وعجيجها.

هذا إذا فرضنا التصويت المباشر للناس على سَنّ القوانين، أما إذا افترضنا أن الاختيار وقع على تعيين مجموعة من الممثلين والنواب يمتازون بالخبرة والموضوعية، فإن الخطب سيكون أهون. إلا أننا مع ذلك لا نملك ما يضمن لنا موضوعيتهم الكاملة، سواء اختار الشعب تعيينهم عن طريق القرعة أو اختار تعيينهم عن طريق الانتخاب والتصويت.. فالقرعة لا معنى لكونها معينة للأكثر نزاهة منهم، والتصويت الذي تم عليهم لا يضمن ذلك أيضاً، بعد أن كان مجرد تجميع لعدد من الأصوات التي يسيطر على أكثر أصحابها الجهل والهوى.