المولفات

المؤلفات > أساس الحكومة الإسلاميّة

38

كل إنسان سوف يقوم بواجبه، والشعب سيخضع للقوانين، ويكون الرؤساء عادلين معتدلين والحكام مستقيمين نزيهين، وسيستهين الجنود بالموت، ولن يكون هناك لا زهو ولا شرف؛ فكل هذا جميل بالغ الجمال، ولكن دعنا ننظر فيما هو أبعد.

إن المسيحية هي دين روحاني تماماً لا تشغله سوى أمور السماء وحدها، فوطن المسيحي ليس في هذا العالم. صحيح أنه يؤدي واجبه، لكنه يؤديه بلا مبالاة عميقة بنجاح أو بسوء عاقبة مساعيه، وشريطة أن لا يكون ثمة ما يلام عليه، فلا يهمه أن تسير الأمور كلها سيراً حسناً أو سيئاً، في هذا العالم الدنيوي، وإذا كانت الدولة مزدهرة فلا يكاد يجرؤ على التمتع بالسعادة العامة، ويخشى أن يأخذه الزهو بمجد بلاده، وإذا هلكت الدولة فإنه يبارك يد الله التي شددت قبضتها على شعبه.

ولكي يكون المجتمع هادئاً ويبقى الانسجام فيه، لابد أن يكون المواطنون جميعاً بلا استثناء مسيحيين صالحين على السواء. ولكن إذا وجد هناك لسوء الحظ طموح واحد، مخادع واحد، فإن مثل هذا الرجل سيجد بلا ريب سوقاً رائجة في مواطنيه الأتقياء، فالبر المسيحي لا يسمح بسهولة بالظن سوءاً بالجار. وما أن يجد أحدهم بحيلة ما المهارة في أن يفرض نفسه، ويتولى على جزء من السلطة العامة حتى يصير رجلاً يحف به التكريم،