وعلى أي حال فحينما يحمل الأمر بالشورى على هذا المعنى لابد من حمله بمناسبات الحكم والموضوع على مجرد الأمر بالأخذ برأي الغير في الأمور المباحة دون الترخيص في مخالفة الأوامر الالزامية ولو كانت أوامر ظاهرية ودون سائر شعب الولاية، فإن الأمر بالعمل برأي المستشار ليس إلا كالأمر بالعمل برأي الوالد أو باليمين أو النذر، فكل هذه أوامر ثانوية واردة في الشريعة بعد فرض اكتمال الأوامر الأولية الواقعية والظاهرية، أي أنه أخذ في موضوعها مشروعية المتعلق. وهذا هو المحتمل الثاني من محتملاتنا الثلاثة في الشورى.
وما ذكرناه من نكتة وحدة المستشارين والمستشيرين في قوله "أمرهم شورى بينهم" يبطل أصل تطبيق الأمر بالشورى في هذه الآية على القسم الأول، وهو الشورى في قضايا يكون المستشير فيها غير المستشار، سواء أرجع ذلك إلى المحتمل الثالث أو إلى المحتمل الثاني.
أما إذا طبق الأمر بالشورى فيها على القسم الثاني ـ أعني الأمور التي يكون المستشيرون فيها عين المستشارين ـ فقد افترضنا أنه لا يتأتى الفرض الأول، وهو الحمل على مجرد الاستضاءة بأفكار الغير، بل لابد من حمله على كونه أمراً بالمشورة وبأخذ الرأي من المستشارين. وهذا يعني أن المحتمل الثالث لا يأتي هنا، الا أنه يبقى الكلام في دائرة الشورى والأخذ بالرأي هل هي في دائرة