المولفات

المؤلفات > أساس الحكومة الإسلاميّة

206

الوجه الثالث: أن يقال: ان اختلاف الفتاوى بين الفقهاء يوجب تشويش الأمر وعدم امكانية اقامة الدولة على نظام متسق.

ذلك: ان اختلاف الفقهاء في الفتوى تارة يكون في أحكام شخصية، من قبيل وجوب التسبيحات في الصلاة مرة واحدة أو ثلاث مرات، فهذا لا يوجب مشكلة في المقام، إذ كل فقيه يعمل برأيه وكل مقلد يعمل برأي من يقلده، ولا يترتب محذور اجتماعي على اختلاف الناس في عدد ما يقرأونه من التسبيحات في الصلاة مثلاً. وأخرى يكون في أحكام مرتبطة بنظام المجتمع العام، وهذا هو الذي قد يورث المشكلة في المقام. فمثلاً: نفترض أن الدولة الاسلامية بقيادة فقيه جامع للشرائط فرضت قانوناً اقتصادياً على المجتمع الإسلامي ورأت المصلحة في تنفيذ ذاك القانون على الكل، بينما الأمة مختلفة في التقليد: فمنهم من يقلد فقيهاً يرى صحة ذاك القانون، ومنهم من يقلد فقيهاً يرى خطأه؛ كما لو افترضنا أن الدولة فرضت الخمس على أموال اختلف الفقهاء في تعلق الخمس بها، فماذا نصنع في المقام؟!

الا أن هذه المشاكل تنحل عادة بمسألة نفوذ حكم الحاكم، فإن حاكم الدولة الاسلامية حينما يحكم بحكم من هذا القبيل فهو عادة لا يحكم بما يعتقد البعض حرمته كي لا ينفذ حكمه. وعليه فينفذ حكمه على الأمة، وحتى من لا يرى وجوب تخميس ماله