المولفات

المؤلفات > أساس الحكومة الإسلاميّة

203

الغيبة بشيء من الغموض مما جعله بحاجة إلى نفض الغبار عنه عن طريق البحث العلمي ليس نقصاً في الاسلام، ولا دليل على أن الاسلام لم يأت بأطروحة لذلك علماً منه ـ مثلاً ـ بعجز المؤمنين عن تشكيل الحكومة الاسلامية في أيام الغيبة، فمن الطبيعي وجود غموض من هذا القبيل في الدليل بعد مضي مئات السنين على عصر النصوص، خصوصاً في موضوع لم تسنح الظروف في عصر النص ولا بعده لتطبيقه كي يتركز في الأذهان. وكلنا نعلم مدى تأثير مضي الزمان على ضياع النصوص وغموض الأسانيد، بل وأحياناً غموض الدلالات.

الوجه الثاني: أن الولاية لم تثبت في الشريعة الاسلامية لفقيه معين بل لجميع الفقهاء الجامعين للشرائط. وهذا من ناحية يشتمل على حكمة بالغة، لأن الفقيه الجامع للشرائط ليس معصوماً كالإمام (عليه السلام) كي يعطي بيده الأمر وحده، بل بالإمكان أن يتورط أحياناً في خطأ كبير يؤدي إلى حلول أخطار جسيمة بالمجتمع الاسلامي. فلابد أن لا تكون الولاية لفقيه معين بل لجميع الفقهاء الجامعين للشرائط، كي يتدخل البعض في الأمور التي يتناولها البعض الآخر ويعصم بعضهم البعض عن الخطأ وينقض حكمه حينما تقتضي المصلحةُ النقضَ ـ على ما مضى منا من جواز نقض حكم الحاكم من قبل حاكم آخر في بعض الفروض ـ ولا يستبد فقيه