المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

39

وإنّما عبّرنا هنا بكلمة « القديم » لا بكلمة « واجب الوجود»؛ لأننا إن التفتنا إلى أنّ سرّ الحاجة إلى العلّة وعدمها يكمن في الإمكان والوجوب لانتهى الأمر إلى برهان الإمكان. فهنا نكتفي بالقول بأنّ العلل الحادثة يجب أن تنتهي إلى القديم سواء أكان سرّ الحاجة إلى العلّة الحدوث فالعلّة الأصلية يجب أن تكون غير حادثة، أو الإمكان لأنّ كلّ حادث ممكن، فالعلة الأصلية يجب أن تكون أيضاً غير حادثة كي يعقل أن يكون واجباً.

ومن المحتمل أن يكون مما يشير إلى برهان الحدوث قوله سبحانه عزّ وجلّ: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْء أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾(1)، ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾(2)، ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾(3)، ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾(4).

وأيضاً مما يناسب أن يكون مشيراً إلى برهان الحدوث عن طريق صفة التغير ما ورد في الكافي من أنّ ابن أبي العوجاء قال للإمام الصادق(عليه السلام): «ما الدليل على حدث الأجسام؟ فقال: إنّي ما وجدت شيئاً صغيراً ولا كبيراً إلّا وإذا ضمّ إليه مثله صار أكبر وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الاُولى، ولو كان قديماً ما زال ولا حال؛ لأنّ الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل، فيكون بوجوده بعد عدمه دخولاً في الحدث، وفي كونه في الأزل دخوله في القدم(5)، ولن تجتمع صفة الأزل والعدم والحدوث والقدم في شيء واحد، فقال عبدالكريم: هبك علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت واستدللت بذلك على حدوثها فلو بقيت الأشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدلّ


(1) س 52 الطور، الآية: 35.

(2) س 7 الأعراف، الآية: 191.

(3) س 16 النحل، الآية:20.

(4) س 25 الفرقان، الآية: 3.

(5) الموجود في ما عندي من نسخة الآخوندي: «العدم» ولكنه خطأ والصحيح ما أثبتناه.