المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

376

وقال أيضا السيّد الطباطبائي(قدس سره) لدى نقل حديث تفسير المقام المحمود بالشفاعة: وهذا المعنى مستفيض مرويّ بالاختصار والتفصيل بطرق متعدّدة من العامّة والخاصّة... .

والأصل في إنكار الشفاعة ما هو المألوف غالبا في المحاكم الدنيوية من أنّ الشفيع قنطرة لإبطال الحقّ وإحقاق الباطل، فلئن كان المفروض أنّ القاضي يحكم بالعدل، وأنّ الشفيع جاء كي يؤثّر على حكم القاضي ويغيّره، فهذا يعني أنّ الشفيع جاء لكي يبطل حقّاً أو يحقّ باطلاً، وبما أنّ المفروض أنّ فضاء يوم القيامة منزّه عن أيّ لون من ألوان الباطل أو الظلم، فتدخّل الشفاعة فيه أمر غير معقول.

بل ربما أسرف بعض مخالفي الشفاعة إلى حدّ القول بأنّ الإيمان بالشفاعة مساوق للشرك.

وإنّما أسمينا ذلك بالإسراف لأنّ من الواضح أنّ الشفاعة إنّما تؤدّي إلى الشرك لو فرضت تدخّلاً في الأمر رغم إرادة الله تعالى وعلى خلاف ما يُرضي الله عزّ وجلّ، أمّا إذا قُرّر أنّه ﴿لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾(1)، وأن ليس حالها إلّا حال الدعاء الذي إن أراد الله استجابه وإن لم يرد رفضه، فلا معنى لافتراض الإيمان بها شركاً بالله إلّا إذا افترض أنّ الإيمان بالدعاء أيضاً شرك بالله.

وعلى أيّ حال فليس غريباً من مخالفي نهج القرآن الواضح إنكار الشفاعة، إنّما الغريب أن يقول من يعتبر في صفوف المؤمنين بالشفاعة: إنّ الشفاعة أمر صوريّ، وإنّ الله تعالى حينما يريد أن يغفر لأحد يفترض ظاهراً أنّ مغفرته إياه كان لأجل فلان الشفيع، وذلك إبرازاً لعظمة ذاك الشفيع واحترامه.


(1) س 21 الأنبياء، الآية: 28.