المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

367

حَكِيمٌ عَليم﴾(1).

والجواب هنا أيضاً نفس الجواب، فإنّ الظاهر أنّ المقصود هو استثناء المشيئة فحسب والذي هو ثابت في كلّ شيء، وليس الاستثناء الزمني.

كما يحتمل هنا أيضاً ـ ولو ضعيفاً ـ إشارة الكلام إلى المؤمنين الفسقة الذين سينجون من النار بالشفاعة.

وقد يشكّك في أصل معنى الخلود فيقال: إنّ الخلود لا يعني الدوام الأبدي؛ لأنّه قد يستعمل بمعنى المكث الطويل.

إلّا أ نّني لا أظن أنّ صراحة الخلود في معنى الدوام التامّ أقلّ من صراحة مثل كلمة الأبد، أمّا استعماله في المكث الطويل فليس إلّا بقرينة، كما هو الحال في كلّ مجاز، وكما هو الحال في كلمة الأبد أيضاً فيقال مثلاً: إنّ فلاناً سجن من قبل الحكومة سجناً مؤبّداً، والمقصود بذلك ليس إلّا السجن الطويل المدّة، كما هو مصطلح اليوم، أو مدى العمر بقرينة أنّه ليس في الدنيا شيء مؤبّد؛ لأنّ أصل الدنيا غير مؤبّدة، ولأنّ عمر الإنسان غير مؤبّد فسينتهي السجن لا محالة.

ولو وقع الإصرار على عدم ظهور كلمة الخلود في الدوام الكامل بدعوى أنّه يستعمل في كلا المعنيين: الخلود والمكث الطويل، فالتصريح بالأبد أو الدوام أو نحو ذلك وارد في القرآن بشأن أهل الجنّة وبشأن أهل النار في موارد عديدة:

أمّا بشأن أهل الجنة فمن قبيل:

1 ـ قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَة﴾(2).

2 ـ قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلا﴾(3).

 


(1) س 6 الأنعام، الآية: 128.

(2) س 4 النساء، الآية: 57.

(3) س 4 النساء، الآية: 122.