المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

335

التكامل للإنسان المؤمن في عالم البرزخ.

وإمّا الاحتياج إليه لأجل أنّ تحطّم هذه الدنيا وتحقّق يوم القيامة يكون دفعة واحدة، أي إنّ قيامة الجميع متقارنة وليست تدريجية فلابدّ للسابقين في الموت من انتظار اللاحقين، ويتمّ ذلك بواسطة عالم البرزخ.

وهذه الفرضيات الثلاث ليست متنافية، فيمكن صدق الكلّ.

والعبارة التي بدأنا الحديث بنقلها عن أمير المؤمنين(عليه السلام) دلّت على الاحتمال الثالث حيث قال(عليه السلام): «فإنّما ينتظر بأوّلكم آخركم».

وقد عرفت أنّ العبارة متكرّرة مرّتين في نهج البلاغة، مرّة في الخطبة: (21)، واُخرى في الخطبة: (167) بتغيير يسير، والتغيير إنّما هو في صدر العبارة لا في المقطع الذي كان هو محل الشاهد.

والشريف الرضي(رحمه الله) حينما نقل العبارة الاُولى قال: إنّ هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه وبعد كلام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بكلّ كلام لمال به راجحاً وبرز عليه سابقاً، فأمّا قوله(عليه السلام): «تخفّفوا تلحقوا» فما سمع كلام أقل منه مسموعاً ولا أكثر محصولاً، وما أبعد غورها من كلمة وأنقع نطفتها(1) من حكمة.

وقد وردت الإشارة في بعض الروايات إلى ما جعلناه الاحتمال الثاني، وهي رواية حفص قال: «سمعت موسى بن جعفر(عليهما السلام) يقول لرجل: أتحبّ البقاء في الدنيا؟ فقال: نعم. فقال: ولم؟ قال: لقراءة قل هو الله أحد. فسكت عنه، فقال له بعد ساعة: يا حفص، من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علّم في


(1) النطفة: ما صفا من الماء. اُنظر مجمع البحرين 5: 125، وكتاب العين 7: 436. وما أنقع هذا الماء أي: ما أرواه من عطش.