المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

334

 

فلسفة البرزخ

 

ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في نهج البلاغة أنّه قال: «فإنّ الغاية أمامكم، وإنّ وراءكم الساعة تحدوكم، تخفّفوا تلحقوا، فإنّما ينتظر بأوّلكم آخِركم»(1). وفي خطبة اُخرى: «فإنّ الناس أمامكم وإنّ الساعة تحدوكم من خلفكم، تخفّفوا تلحقوا، فإنّما ينتظر بأوّلكم آخركم»(2).

وخلاصة الكلام في المقام: أنّ الدنيا خلقت لفسح المجال للبشر إلى سلّم الكمال، وإخراجه لما فيه بالقوّة إلى الفعل، وبالتالي يستفيد من كماله هو في عالم الآخرة، وعالم الجزاء الكامل هو عالم ما بعد نفخ الصور، أمّا عالم البرزخ فالذي يتبادر إلى أذهاننا القاصرة والعاجزة عن إدراك حقائق الاُمور بشأنه هو أحد تصوّرات ثلاثة:

إمّا الاحتياج إليه للتدرّج في الانتقال من هذا العالم إلى عالم الآخرة بوصفه واجداً لبعض خصائص هذا العالم وبعض خصائص عالم الآخرة، فكأنّ الإنسان في الغالب لا يستطيع العيش في ذاك العالم الذي يختلف تماماً عن عالمه إلّا بعد المرور بعالم وسط بين العالمين.

وإمّا افتراض أنّ عالم البرزخ وإن كان لا يوجد للإنسان فيه تكامل كبير؛ لأنّ محلّ التكامل وموطن الامتحان للإنسان ـ كي يرى هل يختار سبيل التكامل أو الانحطاط ـ إنّما هي الدنيا، ولكن لا ينافي ذلك وجود شيء من


(1) نهج البلاغة، الخطبة 21.

(2) نهج البلاغة، الخطبة 167.